كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 2)

أول الوقت بالتيمم، وأخرى في آخره] بالوضوء- قال الإمام: فهو النهاية في إحراز الفضيلة.
قلت: وفيه نظر، إذا قلنا: إن الأولى هي الفرض؛ لأن فضيلة الطهارة بالماء لم تشملها، ولا يقال: إن هذا بعينه موجود في إعادة الصلاة في جماعة، ومع هذا فلا خلاف في استحبابها، ونقدر أن الوصف الزائد في الصلاة الثانية كأنه وقع في الأولى؛ لأن وصف فضيلة الجماعة يمكن إضافته إلى الصلاة الأولى، وفضيلة استعمال الماء بخلافه؛ لأنها فضيلة واجب، ولا يتصور أن يكون واجباً في الأولى.
وقد رأيت في "تعليق القاضي الحسين" عند الكلام في رؤية المتيمم الماء في أثناء الصلاة- الجزم بأن من صلى بالتيمم، ثم وجد الماء لا يستحب له إعادتها بالطهارة بالماء، بخلاف ما لو صلى منفرداً، ثم أدرك جماعة يصلون؛ فيشبه أن يكون ما ذكرته مادته والله أعلم.
قال: وإن وجد بعض ما يكفيه- أي: في غسله أو وضوءه- استعمله، ثم تيمم للباقي في أحد القولين، ويقتصر على التيمم في القول الآخر، فالتيمم على كل قول لابد منه، والخلاف في وجوب استعمال ما وجده من الماء.
ووجه الوجوب قوله- تعالى-: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ .....} الآية، إلى قوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] فجعل التيمم مشروطاً بعدم ما ذكره على وجه النكرة في سياق النفي؛ فاقتضى أن يكون معتبراً بما ينطلق عليه اسم الماء.
وأيضاً: فالآية موجبة لغسل جميع الأعضاء عند القدرة؛ فإذا عجز عن البعض- وجب أن يأتي بالمقدور؛ لقوله- عليه السلام-: "إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَاتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ". أخرجه البخاري.
ولأن استعمال الماء في الطهارة شرط من شرائط الصلاة؛ فلا يسقط الميسور منه

الصفحة 73