كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 2)

والصحيح عند كافة الأصحاب، وهو الذي نص عليه في "الأم"، في الباب الأول من التيمم، والجديد: [وجوب] استعمال الموجود من الماء، والآية دالة له؛ كما ذكرنا.
ولو كان الماء المذكور ثانياً يعود إلى الأول- لم ينكره؛ لأن العرب إذا ذكرت شيئاً منكراً، ثم أرادت ذكره ثانياً- عرفته؛ قال الله- تعالى-: {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل: 15، 16] وقد قال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً .....} الآية: [المؤمنون: 13، 14] وإذا لم ترد العود إليه نكرته؛ قال الله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (6)} قال ابن عباس: لن يغلب عسر يسرين.
ولا نسلم أنه إذا استعمل الماء، كان جامعاً بين بدل ومبدل؛ لأن التيمم بدل عما لم يستعمل الماء فيه، ومثله ما إذا عجز عن [بعض] الفاتحة؛ [فإنه] يأتي بما قدر عليه منها، وبالبدل عن باقيها.
والفرق بين ما نحن فيه والكفارة من أوجه:
أحدها- قاله أبو إسحاق-: أن الصوم بدل عن جميع الرقبة، ولا يجب عن بعضها، والتيمم يجب عن بعض الأعضاء، كما يجب عن كلها؛ بدليل الجرح.
والثاني- قاله ابن أبي هريرة-: أن إعتاق بعض الرقبة لا يحصل مقصوداً، بخلاف [بعض] الطهارة؛ فإنه يمكنه البناء عليه.
والثالث: أن الماء مستعمل في الوضوء على التبعيض والتجزئة؛ لأنه يستعمل في عضو دون عضو؛ فجاز أن يتبعض في الوجوب، والعتق لا ينبني على التبعيض والتجزئة؛ فلم يتبعض في الوجوب.
ثم القولان مستقلان بأنفسهما، أو مبنيان على تفريق النية على أعضاء الوضوء، أو على وجوب الموالاة؟ فيه [خلاف:]

الصفحة 75