أثر في الفَلَس والحَجْر على المبذِّر
(410) قال الإمام مالك (¬1): عن عمرَ بن عبد الرحمن بن دِلاَف المُزَني، عن أبيه: أنَّ عمرَ قال: أمَّا بعدُ، أيها الناسُ، فإن الأُسَيفعَ أُسَيفعُ جُهَينةَ، رَضِيَ من دِينِهِ وأمانتِهِ بأن يقال: سَبَقَ الحاجَّ، ألا وإنِّه ادَّان مُعرِضًا، فأصبحَ قد رِينَ به، فمَن كان له دَينٌ فليأْتنا بالغداة، نَقِسمُ مالَهُ بين غُرمائِهِ، ثم وإيَّاكم والدَّينَ، فإنَّ أوَّله هَمٌّ، وآخرَهُ حَرَبٌ (¬2).
ورواه أبو عبيد (¬3)،
عن أبي النَّضر، عن عبد العزيز بن عبد الله،
¬_________
(¬1) في «الموطأ» (2/ 319) في الوصية، باب جامع القضاء وكراهيته.
(¬2) الحَرَب: كذا ضبطه المؤلِّف بفتح الراء، ومعناه: الخصومة والغضب. انظر: «النهاية» (1/ 359
(¬3) في «غريب الحديث» (4/ 168).
وهذا الأثر يَرويه عمر بن عبد الرحمن بن عطية بن دِلاف، وقد اختُلف عليه:
فقيل: عنه، عن أبيه، عن عمرَ!
وقيل: عنه، عن أبيه، عن جدِّه، عن عمرَ!
وقيل: عنه، عن أبيه، عن بلال بن الحارث، عن عمرَ!
وقيل: عنه، عن عمرَ!
وقيل: عن أيوب، نبِّئت عن عمرَ!
أما الوجه الأول: فأخرجه مالك، كما تقدم. وعبد الرزاق، كما في «التلخيص الحبير» (3/ 42) عن ابن عيينة، عن زياد بن سعد. وعمر بن شبَّة في «تاريخ المدينة» (2/ 766 - 767) من طريق عبيد الله بن عمر. ثلاثتهم (مالك، وزياد بن سعد، وعبيد الله) عن عمرَ بن عبد الرحمن بن دِلاف المُزَني، عن أبيه: أنَّ رجلاً من جُهَينة ... ، فذكره.
وهذا منقطع، كما قال الحافظ في «التلخيص الحبير» (3/ 40).
وأما الوجه الثاني: فأخرجه الدارقطني في «غرائب مالك»، كما في «التلخيص الحبير» (3/ 41) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك، عن عمرَ بن عبد الرحمن، به.
قال الدارقطني: رواه ابن وهب عن مالك، فلم يقل في الإسناد: «عن جدِّه «.
وأما الوجه الثالث: فأخرجه ابن أبي شيبة (4/ 537 رقم 22905) في البيوع، باب في رجل يركبه الدَّين، عن ابن إدريس. والبلاذُري في «أنساب الأشراف» (ص 202 - 203) من طريق محمد بن عبيد الطَّنَافِسي. كلاهما (ابن إدريس، والطَّنَافِسي) عن عبيد الله بن عمر، عن عمرَ بن عبد الرحمن بن دِلاف، عن أبيه، عن عمِّ أبيه بلال بن الحارث ... ، فذكره.
وقد توبع عبيد الله بن عمر على هذا الوجه، تابَعَه زُهَير بن معاوية، وعَبدة بن سليمان، وأبو حمزة، كما في «علل الدارقطني» (2/ 147)، وخالَفَهم يحيى القطان، فرواه عن عبيد الله بن عمر، عن عمرَ بن عبد الرحمن بن عطية، عن عمِّه، عن بلال بن الحارث.
قال البخاري في «التاريخ الكبير» (6/ 172): ولا يُتابَع فيه بلال.
وقال الدارقطني في «العلل»: والقول قول زُهَير، ومن تابَعَه عن عبيد الله.
وأما الوجه الرابع: فأخرجه أبو عبيد، كما ذكره المؤلِّف.
وأما الوجه الخامس: فأخرجه عبد الرزاق، كما في «التلخيص الحبير» (3/ 42) عن معمر، عن أيوب ... ، فذكره.
قلت: وعلى الوجه الذي رجَّحه الدارقطني، يكون الأثر ضعيفًا؛ لأن والد عبد الرحمن بن عطية بن دِلاف مجهول الحال، فقد أورده ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (5/ 272 رقم 1292) وابن حبان في «الثقات» (7/ 66) ولم يَذكرا له راويًا سوى بكر بن سوادة، زاد ابن حبان: يروي المراسيل.
قال الشيخ الألباني في «الإرواء» (5/ 262): وعلى هذا؛ فالأثر منقطع.
قلت: وأما ابنه فثقة، وثَّقه ابن المديني، كما في «سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة» (ص 103 رقم 114).