كتاب مسند الفاروق ت إمام (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= وقد أعل هذا الحديث كبار الحفَّاظ، فقال الإمام أحمد: ضَمرة ثقة، إلا أنه روى حديثين ليس لهما أصل، أحدهما هذا الحديث.
وقال -أيضًا-: ليس من ذا شيء، وَهِمَ ضَمرة.
وقال الترمذي: لم يُتابَع ضَمرة على هذا الحديث، وهو حديث خطأ عند أهل الحديث.
وقال النسائي: لا نعلم أنَّ أحدًا روى هذا الحديث عن سفيان غير ضَمرة، وهو حديث منكر.
وقال البيهقي: المحفوظ بهذا الإسناد حديث نهى عن بيع الولاء وهبته.
وقال -أيضًا-: هذا وَهْم فاحش، والمحفوظ بهذا الإسناد حديث النهي عن بيع الولاء وعن هبته، وضَمرة بن ربيعة لم يحتجَّ به صاحبا الصحيح.
انظر: «مسائل الإمام أحمد» (ص 433 رقم 1999 - رواية أبي داود) و «سنن الترمذي» (3/ 647) و «السنن الكبرى» للبيهقي (10/ 289) و «معرفة السُّنن والآثار» (14/ 407) و «تهذيب سنن أبي داود» (5/ 409).
قلت: ووجه هذا الإعلال ظاهر جدًّا؛ لأنَّ ضَمرة وإن كان ثقة، إلا أنه قد تفرَّد به عن الثوري، ومثل هذا التفرُّد يُعدُّ منكرًا، فلا التفات بعد ذلك إلى تصحيح من صحَّحه من المتأخرين، كالطحاوي، وابن التركماني، وعبد الحق الإشبيلي، وابن القطان، وابن حزم، لأنَّ مسلك هؤلاء في التعليل -غالبًا- خلاف مسلك الأئمة النُّقاد، فهم يقبلون كلَّ زيادة من الثقة، ولا يرون الإرسال علَّة للموصول، ولا الموقوف علَّة للمرفوع، وأهل الحديث الذين هم المرجع في هذا الفنِّ على خلاف ذلك، فتنبَّه.
وتابَعَهم على تصحيحه جماعة من فضلاء العصر، منهم: الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (6/ 170) والشيخ شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لـ «شرح مشكل الآثار» (13/ 441 رقم 5398، 5399) والشيخ الحويني في تخريجه لـ «منتقى ابن الجارود» (3/ 237 رقم 972) ومحقِّقو «مسند الإمام أحمد» (33/ 340 - ط مؤسسة الرسالة).
ومما يبيِّن لك خطأ ضَمرة في هذا الحديث: أنه قد خولف في متنه، خالَفَه أبو نعيم الفضل بن دُكَين، وابن نُمَير، ووكيع، وابن مهدي، -وهم ثقات أثبات- فرووه عن الثوري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمرَ -رضي الله عنهما-، بلفظ: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن بيعِ الولاءِ وَهِبتِهِ.

الصفحة 75