يا أميرَ المؤمنين، إنما كنَّا عَبِيدَ مَمْلكةٍ، ولم نكن عَبِيدَ قِنٍّ. قال: فتَغيَّظ عليه عمرُ، فقال: أردتَ أنْ تَغَفَّلَنِي (¬1).
وكذلك ثنا معاذ، عن ابن عَون، عن ابن سيرين، عن عمرَ، إلا أنَّه قال: أردتَ أن تَعَنَّتَنِي (¬2).
قال الكسائي: القِنُّ: أنْ يكونَ مُلِكَ وأبواه، والمَمْلكة: أنْ يَغلِبَ عليهم فيَستَعْبِدَهُم، وهم في الأصل أحرارٌ.
قال أبو عبيد: فحَكَمَ فيهم عمرُ أنْ صَيَّرَهُم أحرارًا بلا عوضٍ؛ لأنَّه كان تَمَلُّكًا، وليس بِسِبَاءٍ.
قال: وفي هذا الحديث أصلٌ لكلِّ مَن ادَّعى رَقَبَةَ رجلٍ وأَنكَرَ المُدَّعَى عليه أنْ القولَ فيه قولُهُ.
قال: وقد كان الرَّجلُ من الملوك ربما غَلَبَ على البلادِ حتى يَستَعبِدَ أهلَهَا، فيَجوزُ حُكْمُهُ فيهم، كما يَجوزُ في مماليكه، وعلى هذا عامَّةُ ملوكِ العَجَمِ اليومَ الذين في أطرافِ الأرضِ، يَهَبُ منهم ما شاءَ، ويَصطفي لنفسه ما شاءَ، ولهذا ادَّعى الأشعثُ رقابَ أهلِ نجرانَ، وكان استَعبَدَهُم في الجاهليةِ، فلمَّا أَسلَمُوا أَبَوا عليه.
أثر آخر
(450) قال أبو عبيد (¬3): حدثني ابن مهدي، عن سفيان، عن أيوب
¬_________
(¬1) أي: تتحيَّن غفلتي. «النهاية» (3/ 376).
(¬2) أي: تطلب عَنَتي وتُسقطني. «النهاية» (3/ 307).
(¬3) في «غريب الحديث» (4/ 238).
وأخرجه -أيضًا- سعيد بن منصور، كما في «المحلى» (8/ 138) وابن أبي شيبة (4/ 366 رقم 21053) في البيوع، باب في الأمة تزعم أنها حُرَّة، كلاهما عن ابن عيينة، عن أيوب بن موسى، عن ابن قُسَيط، عن سليمان بن يَسَار، به.
هكذا روياه بإدخال ابن قُسَيط (وهو: يزيد بن عبد الله بن قُسَيط) بين أيوب بن موسى، وسليمان بن يَسَار، وكيفما كان؛ فالأثر منقطع؛ لأن سليمان بن يَسَار لم يَسْمع من عمر. انظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (ص 82 رقم 295).