كتاب كنز الدرر وجامع الغرر (اسم الجزء: 2)

نفيس، ما لا يعدّ ولا يحدّ، ومصاحف الحكمة، ومصاحف زبر فيها سيرته وغزواته وحروبه وشدّة قوّته وبطشه، وإقامته في مملكته، ومدّة حياته إلى حين وفاته.
وجلس بالملك ولده كلكن، وعقد التاج على رأسه بعد موت أبيه بالإسكندريّة، وأقام بها شهرا، ثمّ رجع إلى مدينة منف. وكان حكيما فاضلا كاهنا عالما، وعظّم العلماء من الكهنة والحكماء، وألزم أصحاب علم الكيمياء بعمل ذلك. فخزن أموالا عظيمة، لا يحصيها إلاّ الله تعالى.
وهو أوّل من أظهر عملها بمصر بعد أولئك الملوك الأوّل؛ فإنّ أبوه وجدّه وغيره ممّن تقدّمه، كانوا منعوا عملها، أبطلوها جملة كافية، خوفا <من> أن تنتقل عنهم إلى ملوك غيرهم. فعملها كلكن هذا، واجتهد في كثرة عملها، حتّى لم يكن أكثر من الذهب في أيّامه بمصر.
ويحكي عنه القبطيّين أنّهم أظهر في زمانه حكما لا يعرفونها، مما يذهل العقول، حتّى إنّهم يسمّونه حكيم الملوك. وغلب جميع الكهنة في كهانتهم وعلومهم، وكان يعرّفهم بالمغيّب عنهم فيما سيأتي، فخافوه خوفا شديدا.
وكان في أيّامه نمرود إبراهيم، صلوات الله عليه. ويقال: إنّه لمّا اتّصل بنمرود خيره وسحره وحكمته، استزاره. وكان نمرود جبّارا مشوّه الخلق، يسكن العراق من الأرض. وكان الله تعالى آتاه قوّة وقدرة وبطشا، فغلب على كثير من الأرض.

الصفحة 163