كتاب كنز الدرر وجامع الغرر (اسم الجزء: 2)

بالنور وتوّجتني بالكرامة، وجعلتني خازن السموات، وعبدتك ثمانين ألف سنة، وكنت من المقرّبين؟ فقال الله تعالى: {فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ، وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ، قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ}. وقال ابن عبّاس: قال الله تعالى: {ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ} لما خلقت من يدي؟ منهم من أجراه على ظاهره ومنهم من قال: بقدر القدرة.
وقال أبو إسحاق الثّعلبي، رحمه الله، بإسناده عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إذا قرأ ابن آدم السّجدة، وسجد، اعتزل الشيطان يبكي ويقول: يا ويله، أمر ابن آدم بالسجود فسجد، فله الجنّة، وأمرت بالسجود فأبيت فله النار».
واختلفوا في الاستثناء المذكور في قوله: {إِلاّ إِبْلِيسَ أَبى} على قولين، أحدهما: أنّه استثناء من الجنس، فعلى هذا يكون إبليس من الملائكة. والثاني: أنّه استثناء من غير الجنس، فيكون إبليس من الجنّ، وقد بيّنّاه.
وذكر صاحب الملل والنّحل: أنّ أوّل شبهة وقعت في الخليقة شبهة إبليس. ومصدرها استبداده بالرأي في مقابلة النصّ (29) ومعارضة الأمر واستكباره بالمادّة التي خلق منها، وهي النار، على مادة آدم، وهي التراب.

الصفحة 40