كتاب كنز الدرر وجامع الغرر (اسم الجزء: 2)

أقبل على الدّارمي فقال: أتروي هذا الشعر؟ قال: لا. قال (337):
أفتعرف قائله؟ قال: لا. فقال: ويحك! رجل من قومك له مثل هذه النّباهة، وقد قال مثل هذه الحكمة، لا ترويها ولا تعرفه؟ ثمّ التفت إلى مولى له فقال: يا مزاحم، أثبت شهادة هذا عندك لأسل عنه، فإنّي أظنّه ضعيفا.
وقال المدائنيّ: عبر عمر بن عبد العزيز، رحمة الله عليه، يوما بقصر من قصور آل جفنة، وقد خرب، ومعه مولاه مزاحم، فتمثل مزاحم يقول بقول الأسود بن يعفر حيث قال (من الكامل):
جرت الرّياح على محلّ ديارهم … فكأنّما كانوا على ميعاد
ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة … في ظلّ ملك ثابت الأوتاد
فإذا النّعيم وكلّما يلهى به … يوما يصير إلى بلى ونفاد
فقال عمر: ألا قرأت {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ}.
قلت: وأوّل هذا الشعر يقول:
نام الخليّ وما أحسّ رقاد … والهمّ محتضر لديّ وباد

الصفحة 509