كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 2)

قوله: "فَعَرقَه" من عَرَقْتَ العظم، واعترقته وتعرقته: إذا أخذت عنه اللحم بأسنانك.
فهذا كما قد رأيت قد أخرج الطحاوي أحاديث ترك الوضوء مما مست النار عن اثني عشر صحابيا وهم: ابن عباس، وأم سلمة، وجابر بن عبد الله، وبعض أزواج النبي - عليه السلام - وأم حكيم، وأبو رافع، وأبو سعيد الخدري، وعبد الله بن الحارث، وعمرو بن أمية، وسويد بن النعمان، وعمرو بن عبيد الله، وأم عامر.
وفي الباب عن عثمان، وابن مسعود، ومحمد بن سلمة، وعبد الله بن عمرو، والمغيرة بن شعبة، ورافع بن خديج، وأبي هريرة.
ص: ففي هذه الآثار ما يَنْفي أن يكون أكل ما مست النار حدثا؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يتوضأ منه، وقد يجوز أن يكون ما أمر به من الوضوء في الآثار الأول هو وضوء الصلاة، ويجوز أن يكون غسل اليد لا وضوء الصلاة، إلَّا أنه قد ثبت عنه بما روينا أنه توضأ وأنه لم يتوضأ، فاردنا أن نعلم ما الآخر من ذلك؟
فإذا ابنُ أبي داود وأبو أمية وأبو زرعة الدمشقي قد حدثونا قالوا: نا علي بن عياش، قال: نا شعيب بن أب حمزة، عن محمَّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: "كان آخر الأمرين من رسول الله - عليه السلام - هو ترك الوضوء مما مسّت النار".
حدثنا محمد بن خزيمة، نا حجاج، نا عبد العزيز بن مسلم، عن سهل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكل ثوْرَ أقطٍ فتوضأ، ثم أكل بعده كتفا فصلى ولم يتوضأ".
فثبت بما ذكرنا أن آخر الأمرين عن رسول الله - عليه السلام -: هو ترك الوضوء مما غيرت النار، وأن ما خالف من ذلك فقد نسخ بالفعل الثاني، هذا إذا كان ما أمر به من الوضوء يريد به وضوء الصلاة، وإن كان لا يريد وضوء الصلاة فلم

الصفحة 36