كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 2)

وقال به من أهل العراق: أبو قلابة، وأبو مجلز، والحسن البصري، ويحيى ابن يعمر، وهؤلاء كلهم بصريون، وكأن ابن شهاب قد علم الوجهين جميعًا في ذلك وروى الحديثين المتعارضين في هذا الباب، وكان يذهب إلى أن قوله: - عليه السلام -: "توضؤوا مما غيرت النار" ناسخ لفعله المذكور في حديث ابن عباس [هذا] (¬1) ومثله.
وهذا مما غَلط فيه الزهري مع سعة عمله، وقد ناظره أصحابه في ذلك وقالوا: كيف يذهب الناسخ على أبي بكر، وعُمر، وعثمان، وعلي، وهم الخلفاء الراشدون؟! فأجابهم بأن قال: أعيى الفقهاء أن يعرفوا ناسخ حديث رسول الله - عليه السلام - من منسوخه.
وقال أبو عمر (¬2): أظن أن ابن شهاب كان يقول: إن أمهات المؤمنين لا يخفى عليهن الآخر من فعله - عليه السلام -؛ فبهذا استدل -والله أعلم- على أنه الناسخ، وعن عائشة: "كان آخر الأمرين من رسول الله - عليه السلام - الوضوء مما مسّت النار".
ص: وقد روي ذلك عن جماعة من أصحاب رسول الله - عليه السلام - أيضًا.
حدثنا أبو بكرة، قال: نا أبو داود، قال: نا رباح بن أبي معروف، عن عطاء، عن جابر.
وحدثنا أبو بكرة، قال: نا أبو داود، قال: نا هشام، عن أبي الزبير، عن جابر.
وحدثنا أبو بكرة، قال: نا أبو داود، قال: نا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سليمان بن قيس، عن جابر.
وحدثنا أبو بكرة، قال: نا إبراهيم بن بشار، قال: نا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن جابر.
وحدثنا يونس، قال: نا سفيان، عن عمرو، عن جابر.
¬__________
(¬1) سقط من "الأصل، ك"، والمثبت من "التمهيد" (3/ 332).
(¬2) "التمهيد" (3/ 334 - 337) نحوه باختصار وتصرف.

الصفحة 40