كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 2)
فقلتُ: أبو هريرة، فقال: يا أبا هريرة، أبغني أحجارًا أستَطيب بهنّ، ولا تأتني بعظم ولا رَوث، قال: فأتَيْتُه بأحجارٍ أحملها في مُلاءتي، فوضعتها إلى جنبه، ثم أعرضت عنه، فلما قضى حاجته، اتبعتُه فسألته عن الأحجار، والعظم، والروثة، فقال: إنه جاءني وَفْدُ جن نَصِيبيبن -ونعم الجنّ هم- فسألوني الزاد، فدعوت الله لهم أن لا يمرّوا بعظم ولا روثة إلا وجدوا عليه طعامًا".
ش: إسناده صحيح على شرط البخاريّ، وأحمد بن محمَّد بن الوليد، وأبو محمَّد المكي الأزرقي أحد مشايخ البخاريّ، وعمر بن يحيى بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص (¬1) بن أمّية القرشي الأموي المكي.
وأخرجه الإسماعيلي في "صحيحه" من حديث عمرو، عن جده، عن أبي هريرة ... إلى آخره، نحوه سواء.
وأخرجه البخاري (¬2) مختصرًا: نا أحمد بن [محمد]، (¬3) المكي، نا عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو المكي، عن جده، عن أبي هريرة قال: "اتبعت النبي -عليه السلام، وخرج لحاجته، فكان لا يلتفتُ، فدنوت منه، فقال: أبغني أحجارًا أستنفضُ بها -أو نحوه- ولا تأتني بعظم ولا بروث فأتيته بأحجار بطرف ثيابي فوضعتها إلى جنبه، وأعرضت عنه، فلما قض حاجته أتبعه بهن".
قوله: "اتبعت النبي - عليه السلام -" قال ابن سيده: تبع الشيء تبعًا، وتباعًا، واتَّبعه، وأتْبَعَه، وتتبعّه: قَفَّاه، وقيل: اتبع الرجل سبقه فلحقه، وتبعه تبعًا، واتّبعه مرّ به فمضى معه، وفي التنزيل: {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا} (¬4)، ومعناه: تبع، وقرأ أبو عَمرو "ثم اتبع سببًا" أي لحق وأدرك، واستتبعه طلب إليه أن يتبعه، والجمع تُبَّع، وتُبَّاع،
¬__________
(¬1) ابن سعيد بن العاص: وضع عليه في "الأصل" علامة "صح" لرفع توهم التكرار.
(¬2) "صحيح البخاري" (1/ 70 رقم 154).
(¬3) في "الأصل، ك": أحمد بن موسى، والتصويب من "صحيح البخاري".
(¬4) سورة الكهف، آية: [89].