كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 2)
وأخرجه البيهقي (¬1) من طريق الطيالسي، وأخرج أبو داود (¬2) منه ترخيص الجنب فقط (¬3)، وقد ذكرناه، وكذا الطحاوي كما ذكر.
ص: فذهب إلى هذا قومٌ فقالوا: لا ينبغي للجنب أن يطعم حتى يتوضأ.
ش: أي إلى ما في حديث الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة من الوضوء للجنب إذا أراد أن يأكل، وأراد بالقوم هؤلاء: داود من الظاهرية، وأحمد بن حنبل، وبعض المالكيّة؛ فإنهم قالوا: لا ينبغي للجنب أن يأكل حتى يتوضأ.
قوله: "أن يطعم" من باب عَلِمَ يَعْلَمُ، ومعناه أكل، ومصدره طُعْم بالضم، وأما الطعم بالفتح فهو ما يؤديه الشيء من حلاوة ومرارة وغيرهما.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا بأس أن يطعم وإن لم يتوضأ.
ش: أي وخالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: سعيد بن المسيّب، ومجاهدًا، وأبا حنيفة، ومالكًا، والشافعي، وإسحاق؛ فإنهم قالوا: لا بأس للجنب أن يأكل وإن لم يتوضأ، وقد بَسطنا الكلام فيه في هذا الباب عند قوله: "فذهب قوم إلى هذا".
ص: وكان لهم من الحجة في ذلك: أن فهدًا قد حدثنا، قال: حدثنا سُحَيم الحراني -وهو محمَّد بن القاسم- قال: أخبرنا عيسى بن يونس، قال: نا يونس بن يزيد الأيليّ، عن الزهريّ، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: "كان رسول الله - عليه السلام - إذا أراد أن يأكل وهو جنب غسل كفيّه".
¬__________
(¬1) "السنن الكبرى" (1/ 203 رقم 928).
(¬2) "سنن أبي داود" (1/ 57 رقم 225).
(¬3) بل أخرجه كاملًا كرواية الطيالسي مع اختلاف يسير في بعض ألفاظه، انظر "سنن أبي داود" (4/ 79 رقم 4176).