كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 2)

قيل: ليس كون الذكر مخرجا للنجاسة هو علة انتقاض الوضوء من مسّه، ومن قوله: إن مس النجاسات لا ينقض الوضوء فكيف مسّ مخرجها.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، وقالوا: لا وضوء فيه.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الثوري، والنخعي، وطاوس، وسعيد بن جبير، وأبا حنيفة، وأصحابه، وربيعة؛ فإنهم قالوا: لا وضوء في مس الفرج أصلا.
وبه قال ابن المنذر، وأحمد في رواية، وروي أيضًا عن علي، وعَمَّار، وابن مسعود، وحذيفة، وعمران بن حصين، وأبي الدرداء - رضي الله عنهم - وذكر ابن أبي شيبة أنه قول طلق بن علي وأبي أمامة الباهلي.
ص: واحتجوا في ذلك على أهل المقالة الأول، فقالوا: في حديثكم هذا أن عروة لم يرفع بحديث بسرة رأسا، فإن كان ذلك لأنها عنده في حال من لا يؤخذ ذلك عنها، ففي تضعيف من هو أقل من عروة لِبُسْرة ما يسقط حديثها، وقد تابعه على ذلك غيره.
حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن زيد، عن ربيعة أنه قال: لو وضعت يدي في دم أو حيضة ما نقض وضوئي، فمسّ الذكر أيسر أم الدم أم الحيضة؟! قال: وكان ربيعة يقول لهم: ويحكم مثل هذا يأخذ به أحد ويعمل بحديث بسرة؟ والله لو أن بسرة شهدت على هذا الفعل لما أجزت شهادتها، إنما قوام الدين الصلاة، وإنما قوام الصلاة الطهور، فلم يكن في صحابة رسول الله - عليه السلام - من يقيم بهذا الدين إلَّا بسرة؟!
قال ابن زيد: على هذا أدركنا مشيختنا، ما منهم أحد يرى في مسّ الذكر وضوءا، وإن كان إنما ترك أن يرفع بذلك رأسا؛ لأن مروان عنده ليس في حال من يجب القبول عن مثله، فإن خبر شرطي مروان عن بسرة دون خبره هو عنها، فإن كان مروان خبره في نفسه عند عروة غير مقبول، فخبر شرطيه إياه عنها بذلك أحرى ألَّا يكون مقبولا.

الصفحة 80