كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 2)

ش: أي احتج هؤلاء الآخرون على أهل المقالة الأولى.
"في ذلك" أي في عدم انتقاض الوضوء من مس الفرج.
"فقالوا: في حديثكم هذا" أشار به إلى حديث بسرة بنت صفوان الذي احتجوا به.
"أن عروة بن الزبير لم يرفع بحديث بسرة رأسا" أراد أنه لم يعتبره ولم يلتفت إليه، ثم بين الطحاوي ذلك بأنه لا يخلو عن وجهين:
الأول: أن يكون ذلك لكون بسرة بنت صفوان عنده ممن لا يؤخذ مثل ذلك الحكم عنهم؛ وذلك لكونها انفردت بهذه الرواية مع عموم الحاجة إلى معرفته، فصار ذلك كشهادة الواحد من أهل المصر على رؤية هلال رمضان إذا لم يكن بالسماء علّة.
وقال السرخسي في "المبسوط": وحديث بسرة لا يكاد يصح، وقد قال يحيى بن معين: ثلاث لا يصح منهن حديث عن رسول الله - عليه السلام - منها هذا، وما بال رسول الله - عليه السلام - لم يقل هذا بين يدي كبار الصحابة حتى لم ينقله أحد منهم، إنما قاله بين يدي بسرة، وقد كان رسول الله - عليه السلام - أشد حياء من العذراء في خدرها، وتأويله على تسليم ثبوته: "من بال" فجعل مسّ الذكر كناية عن البول؛ لأن من يبول مس ذكره عادة كقوله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} (¬1) والغائط المطمئن من الأرض، وكَنَّى عن الحدث؛ لأنه يكون في مثل هذا الموضع عادة.
فإن قيل: كيف تقول: لا يكاد يصح وقد قال الترمذي بعد إخراجه: هذا حديث حسن صحيح.
وقال محمَّد بن إسماعيل: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب؟!
قلت: محمَّد بن إسماعيل هو البخاري لو رضي به لأخرجه في "صحيحه" فلم
¬__________
(¬1) سورة المائدة، آية: [6].

الصفحة 81