كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 2)

قوله: "مشيختنا" أي مشايخنا، جمع شيخ، ومن جملة مشايخه: محمَّد بن مسلم الزهري ويعقوب بن عبد الله بن أبي طلحة، ونافع مولى ابن عمر، والقاسم بن محمَّد بن أبي بكر الصديق، وابنه عبد الرحمن بن القاسم، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن حنين، وحفص بن عبيد الله بن أنس، وأبو عبد الله دينار القراظ، وأبو حازم سلمة بن دينار.
الوجه الثاني لعدم رفع عروة رأسه لحديث بسرة هو ما أشار إليه بقوله: "وإن كان إنما ترك أن يرفع بذلك رأسا ... " إلى آخره، تحريره: أن الذي أخبر عن بُسرة هو شُرطي مروان، فإذا كان مروان عند عروة ممن لا يؤخذ عنهم؛ فخبر شرطيه أولى ألَّا يؤخذ؛ لأن خبره عن بسرة دون خبر مروان عنها، وأما مروان فإنما رد عروة خبره لعلّةٍ فيه قد ظهرت لعروة، ولا سيما حين خرج على عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - ولهذا قال ابن حزم في "المحلى": مروان ما يعلم له جرح قبل خروجه على أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - ثم قال: ولم يلقه قط عروة إلَّا قبل خروجه على أخيه لا بعد خروجه.
قلت: فيه نظر؛ لعدم الدليل على هذ الدعوى، وأما شرطي مروان فإنه مجهول، وقول البيهقي في كتاب "المعرفة": ولولا ثقة الحَرَسِيِّ عنده -أبي عند عروة بن الزبير- لما صار إليه -أي إلى حديث بسرة- غير مُسَلَّم؛ لأن عروة لم يقنع بخبره، ولو كان ثقة عنده لاكتفى بمجرد خبره، ولا كان يسأل عن بسرة بنفسه، ثم هو لم يقنع بخبره مروان الذي هو أقوى من خبر شرطيه، فكيف يقنع بخبر وهو أدنى من خبر مروان؟!
ثم الشرطي منسوب إلى الشَرَطِ -بفتح الشين والراء- وشَرَط السلطان: نخبة أصحابه الذين يقدمهم على غيرهم من جنده، وأصل الشَرَط -بالتحريك-: العلَّامة.
قال ابن الأثير: وبه سميت شرط السلطان؛ لأنهم جعلوا لأنفسهم علامات يعرفون بها.

الصفحة 84