كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 2)

وقال ابن الأعرابي: هم الشَرَطُ والشُرَطة، فالنسبة إلى الأول: شَرَطي -بفتحتين- والنسبة إلى الثاني: شُرْطي -بضم الشين وسكون الراء-.
وقال الأصمعي: واحد الشُرَط شُرْطة وشُرْطي.
ص: وهذا الحديث أيضًا فلم يسمعه الزهري من عروة، إنما دلس به؛ وذلك أن يونس حدثنا قال: نا شعيب بن الليث، عن أبيه، عن ابن شهاب، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمَّد، عن عروة بن الزبير، عن مروان بن الحكم قال: "الوضوء من مس الذكر. قال مروان: أخبَرَتْنيه بسرة بنت صفوان. فأرسل إلى بسرة، فقالت: ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يتوضأ منه فذكر مسّ الذكر".
قال أبو جعفر -رحمه الله-: فصار هذا الأثر إنما هو عن الزهري عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، فقد حط بذلك درجة؛ لأن عبد الله بن أبي بكر ليس حديثه عن عروة كحديث الزهري عن عروة، ولا عبد الله بن أبي بكر في حديثه بالمتقن، ولقد حدثني يحيى بن عثمان قال: حدثنا ابن وزير قال: سمعت الشافعي يقول: سمعت ابن عيينة يقول: كنا إذا رأينا الرجل يكتب الحديث عند واحد من نفر سماهم منهم: عبد الله بن عبد الله بن أبي بكر، سخرنا منه؛ لأنهم لم يكونوا يعرفون الحديث، وأنتم فقد تُضَعِّفُون ما هو مثل هذا بأقل من كلام مثل ابن عيينة.
ش: هذه إشارة إلى وجه آخر في سقوط العمل بحديث بسرة المذكور، وهو كونه مدلَّسا؛ وذلك لأن الزهري لم يسمعه من عروة، وإنما دلّس به، بيّن ذلك ما رواه يونس بن عبد الأعلى المصري، عن شعيب بن الليث ... إلى آخره، فصار هذا الحديث عن الزهري، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، وانحط بذلك درجة؛ وذلك لأن حديث عبد الله بن أبي بكر عن عروة ليس كحديث الزهري عن عروة في القوة، ولا عبد الله بن أبي بكر بالمتقن في حديثه.
واستدل على ذلك بما رواه الشافعي، عن سفيان بن عُيينة.

الصفحة 85