كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 2)

رواه عن الشافعي محمَّد بن الوزير أحد مشايخ أبي داود، واحد من أخذ عن الشافعي، روى عنه يحيى بن عثمان بن صلاح بن صفوان القرشي أبو زكريا المصري أحد مشايخ الطبراني وابن ماجه.
قال ابن يونس: كان حافظا للحديث عالما.
فإن قيل: عبد الله بن أبي بكر قد أخرج له الجماعة حتى قال النسائي فيه: ثبت.
قلت: لا يلزم من إخراج الجماعة له ولا من قول النسائي أنه ثبت أن ينفي عنه ما تكلم فيه غيره ممن هو كبر منهم، وكفى في ذلك قول الشافعي عن شيخه سفيان بن عيينة، ولا يعادل أحد منهم ابن عيينة، ولقد سقط بذلك أيضًا ما ذكره البيهقي من حطه على الطحاوي في تضعيفه هذا الحديث قلت أيضًا: ولم يخطر ببالي أن يكون إنسان يدعي معرفة الآثار والرواية ثم يطعن في أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم وابنه عبد الله.
وليت شعري لِمَ لَمْ يخطر ببال البيهقي ما نقله إمامه الشافعي عن ابن عيينة؟
ثم اعلم أن التدليس على قسمين:
الأول: تدليس الإسناد وهو أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه موهما أنه سمعه منه، أو عمن عاصره ولم يلقه موهما أنه لقيه وسمعه منه، ثم قد يكون بينهما واحد وقد يكون أكثر، ومن شأنه ألَّا يقول في ذلك: أخبرنا فلان ولا حدثنا وما أشبههما، وإنما يقول: قال فلان أو عن فلان، وهذا الحديث من هذا القبيل؛ لأن الزهري لم يسمعه من عروة وإنما سمعه من عبد الله بن أبي بكر بن محمَّد عن عروة عن مروان، فبينهما واحد وأسقطه في تلك الرواية ودلّس به، وهذا القسم مكروه جدّا ذمّه أكثر العلماء، وكان شعبة من أشدهم ذمّا له، وعن الشافعي أن التديس أخو الكذب (¬1).
¬__________
(¬1) هذا ليس كلام الشافعي، إنما هو كلام شعبة، رواه عنه الإِمام الشافعي كما نقله عنه الخطيب في "الكفاية" (1/ 35).

الصفحة 86