كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 2)

قلت: أكثر الروايات "فليتوضأ" فقط كما في رواية أبي داود (¬1) وابن ماجه (1) وغيرهما، وفي رواية الترمذي "فلا يصلي حتى يتوضأ" (1) وكل ذلك يحتمل غسل اليدين كما ذكرناه، ورواية ابن حبان: "وضوءه للصلاة" قيل: إنه مدرج من بعض الرواة.
ولئن سلمنا أنه غير مدرج، فالجواب عنه ما ذكرنا، وأما قوله: "والإعادة لا تكون إلاَّ لوضوء الصلاة" فغير مسلم؛ لأنه يجوز أن يكون المراد إعادة غسل اليدين للتنظيف طلبا للتنزه.
قوله: "ولم أرد بشيء من ذلك ... " إلى آخره بسط للعذر بأنه إنما ذكر ما ذكره لعدم إنصاف الخصم وتماديه في العسف، لا لأجل الطعن على أحد، على عبد الله بن أبي بكر، ولا على عبد الله بن لهيعة، ولا على غيرهما من الأئمة، وهذا غاية الإنصاف منه؛ لشدة ورعه، وإظهار أنه بصدد طلب الحق لا لإظهار الهوى والتعصب.
ص: وإن احتجوا في ذلك بما حدثنا أبو بكرة [قال] (¬2): نا أبو داود، قال: نا هشام، عن يحيى بن أبي كثير، أنه سمع رجلًا يحدّث في مسجد رسول الله - عليه السلام - عن عروة، عن عائشة، عن النبي - عليه السلام - بذلك.
قيل لهم: كفى بكم ظلما أن تحتجوا بمثل هذا.
ش: أراد بذلك أن هذا الحديث عن عائشة غير صحيح؛ لأن فيه مجهولا، فلا يجوز الاحتجاج به، ولا يقال: حديث عائشة رواه الدارقطني من غير هذا الوجه؛ لأنا نقول: في إسناده كذاب، وقد بيناه فيما مضى.
ص: وإن احتجوا في ذلك بما حدثنا عليّ بن معبد قال: نا يعقوب بن إبراهيم ابن سعد، قال: ثنا أبما، عن ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن مسلم بن
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه.
(¬2) تكررت في "الأصل، ك".

الصفحة 95