كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 2)

بِمَائِهَا، وَايْمُ اللَّهِ! لَقَدْ أُقْلِعَ عَنْهَا، وَإِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْنَا أَنَّهَا أَشَدُّ مِلأَةً مِنْهَا حِينَ ابْتَدَأَ فِيهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اجْمَعُوا لَهَا". فَجَمَعُوا لَهَا مِنْ بَيْنِ عَجْوَةٍ وَدقِيقَةٍ وَسَوِيقَةٍ، حَتَّى جَمَعُوا لَهَا طَعَامًا، فَجَعَلُوهَا فِي ثَوْبٍ، وَحَمَلُوهَا عَلَى بَعِيرِهَا، وَوَضَعُوا الثَّوْبَ بَيْنَ يَدَيْهَا، قَالَ لَهَا: "تَعْلَمِينَ، مَا رَزِئْنَا مِنْ مَائِكِ شَيْئًا، وَلَكِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَسْقَاناَ". فَأَتَتْ أَهْلَهَا وَقَدِ احْتَبَسَتْ عَنْهُم، قَالُوا: مَا حَبَسَكِ يَا فُلاَنة؟ قَالَتِ: الْعَجَبُ، لَقِيَني رَجُلاَنِ، فَذَهَبَا بِي إِلَى هَذَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الصَّابِئُ، فَفَعَلَ كَذَا وَكَذَا، فَوَاللَّهِ! إِنَّهُ لأَسْحَرُ النَّاسِ مِنْ بَيْنِ هَذِهِ وَهَذِهِ -وَقَالَتْ بِإِصْبَعَيْهَا الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ، فَرَفَعَتْهُمَا إِلَى السَّمَاءِ؛ تَعْنِي: السَّمَاءَ وَالأَرْضَ-، أَوْ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ حَقًّا. فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ -بَعْدَ ذَلِكَ- يُغِيرُونَ عَلَى مَنْ حَوْلَهَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَلاَ يُصِيبُونَ الصِّرْمَ الَّذِي هِيَ مِنْهُ، فَقَالَتْ يَوْمًا لِقَوْمِهَا: مَا أُرَى أَنَّ هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ يَدَعُونكُمْ عَمْدًا، فَهَلْ لَكُمْ فِي الإسْلاَمِ؟ فَأَطَاعُوهَا، فَدَخَلُوا فِي الإسْلاَمِ.
(ابن مسرهد (¬1)): -بميم وسين وراء مهملتين (¬2) وهاء ودال مهملة (¬3) -: عَلَم على (¬4) صيغة اسم المفعول، يقال: سَرْهَدْتُ الصبيَّ: أحسنتُ (¬5) غذاءه، وسنامٌ مُسَرْهَدٌ؛ أي: سمين.
¬__________
(¬1) في البخاري: "مسدد".
(¬2) "مهملتين" ليست في "ن".
(¬3) في "ج": "مهملتين".
(¬4) في "ج": "على علم".
(¬5) في "ع": "إذا أحسنت".

الصفحة 52