كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 2)

سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: سَألنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، فَقَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَعْضِ أَسْفَارِه، فَجئْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ أَمْرِي، فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي، وَعَلَيَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ، فَاشْتَمَلْتُ بِهِ، وَصَلَّيْتُ إلَى جَانِبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: "مَا السُّرَى يَا جَابِرُ؟ "، فَأَخْبَرْتُهُ بِحَاجَتِي، فَلَمَّا فَرَغْتُ، قَالَ: "مَا هَذَا الاِشْتِمَالُ الَّذِي رَأَيْتُ؟ "، قُلْتُ: كَانَ ثَوْبٌ -يَعْنِي: ضَاقَ-، قَالَ: "فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ".
(ما السُّرَى؟): أي: ما يوجبُ سُراك؟ وهو السيرُ في الليل خاصةً، سأله؛ لعلمه بأنَّ الحامل له على المجيء في الليل أمرٌ أكيد.
(ما هذا الاشتمال؟): قيل: هو اشتمالُ الصَّمَّاءِ المنهيُّ عنه.
وقيل: الالتفاف (¬1) به من غير أن يجعل طرفيه على (¬2) عاتقيه.
وانظر كرم أخلاقه - صلى الله عليه وسلم -، وحسنَ معاملته وملاطفته؛ حيث (¬3) لم يبدأ جابرًا (¬4) بالإنكار عليه في الاشتمال المذكور، وإنما سأله أولًا عن حاجته التي بعثه (¬5) على المجيء في الليل، حتى إذا فرغ منها، التفت إلى إرشاده وتعليمه - صلى الله عليه وسلم -.
(قلت: كان ثوبًا): -بالنصب- على أنه خبر كان، واسمُها ضمير
¬__________
(¬1) في "ع": "لالتفاتٍ"، وفي "ج": "الالتفات".
(¬2) في "ج": "على طرفيه على".
(¬3) في "ع": "ثم حيث".
(¬4) في "ج": "جابر".
(¬5) في "ع": "بعثته".

الصفحة 82