خاص كالدار أو المقبرة أو المسجد، وذلك لحديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: " كنا نعد - وفي رواية: نرى - الاجتماع إلى أهل الميت، وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة" (261) ، قال النووي رحمه الله: " وأما الجلوس للتعزية فنص الشافعي والمصنف (262) وسائر الأصحاب على كراهته، قالوا: يعني بالجلوس لها أن يجتمع أهل الميت في بيت فيقصدهم من أراد التعزية، قالوا: بل ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم، فمن صادفهم عزاهم، ولا فرق بين الرجال والنساء في كراهة الجلوس لها " (263) .
الترخيص في البكاء بغير نوح:
على أن الإسلام قد أباح للناس أن يشتفوا بالدمع، ويستريحوا إلى البكاء، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل ابنًا لابنته زينب قد حُضر، ونفسه تقعقع في صدره، ففاضت عيناه، فقال له سعد بن عبادة رضي الله عنه: " ما هذا يا رسول الله وقد نهيت عن البكاء؟ "، قال: "إنما هذه رحمة يضعها الله في قلوب من يشاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ") (264) .
__________
(261) أخرجه الإمام أحمد رقم (6905) ، وابن ماجه (1/252) ، وصححه النووي في "المجموع" (5/320) ، والبوصيري في "الزوائد" (1/535) ، والشوكاني في " نيل الأوطار، (4/148) ، والشيخ أحمد شاكر في تحقيق المسند " (11/125) .
(262) يعني الإمام أبا إسحاق الشيرازي صاحب " المهذب، رحمه الله.
(263) "المجموع" (5/306) .
(264) رواه البخاري (3/124 -126) في الجنائز: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه "، وفي المرضى: باب عادة الصبيان، وفي القدر، وفي الإيمان والنذور، وفي التوحيد، ومسلم رقم (923) في الجنائز: باب البكاء على الميت، والنسائي (4/22) في الجنائز: باب الأمر بالاحتساب والصبر عند نزول المصيبة.