كتاب عودة الحجاب (اسم الجزء: 2)

ويروَى عن أبي أمامة الشعباني قال: سألت أبا ثعلبة الخشَني رضي الله عنه قال: قلت: (يا أبا ثعلبة، كيف تقول في هذه الآية: (عليكم أنفسَكم) ؟ (المائدة 105) ، قال: أما والله لقد سألتَ عنها خبيرا، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (ائتمروا بالمعروف، وانتهوا عن المنكر، حتى إذا رأيتم شحًّا مطاعًا، وهوى متبعا ودُنيا مُؤثَرة، وإعجابَ كل ذى رأي برأيه، فعليك بنفسك، ودع عنك العوام، فإن من ورائكم أيامَ الصبرِ، الصبر فيهن كالقبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم") (9) ، زاد أبو داود في حديثه: "قيل: يا رسول الله، أجر خمسين رجلًا منا أو منهم؟ قال: بل أجر خمسين رجلًا منكم".
وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العبادة في الهَرج كهجرة إليَّ" (10) ، قوله: "العبادة في الهرج" أي الفتنة واختلاط أمور الناس، "كهجرة إليَّ" قال النووي رحمه الله: "وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها، ويشتغلون عنها، ولا يتفرغ لها إلا الأفراد" (11) اهـ.
__________
= كلهم ثقات رجال مسلم) اهـ من "السلسلة الصحيحة" رقم (494) .
(9) أخرجه الترمذي رقم (3060) في التفسير: باب: (ومن سورة المائدة) ، وقال: (حسن غريب) ، وأبو داود رقم (4341) في الملاحم: باب الأمر والنهى، وابن ماجه رقم (4014) في "الفتن": باب قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم) ، وابن حبان (1850- موارد) ، (وفيه عتبة بن أبي حكيم الهمداني الشامي، وثقه غير واحد، وتكلم فيه غير واحد، كذا في " تخريج السنن" (6/189) ، وانظر: "مجمع الزوائد" (7/282) .
(10) أخرجه مسلم رقم (2948) في الفتن: باب فضل العبادة في الهرج، والترمذي رقم (2202) في الفتن: باب ما جاء في الهرج والعبادة فيه.
(11) "شرح النووي لصحيح مسلم" (18/88) ، وانظر (تحفة الأحوذي) (6/443-445) .

الصفحة 12