ويُروى عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال: (بينما نحن جلوسٌ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجل من بني سَلِمة، فقال: " يا رسول الله: هل بقي مِنْ بِر أبَوَي شيء أبَرهما بعد موتهما؟ "، فقال: (نعم، الصلاةُ عليهما (384) ، والاستغفارُ لهما، وإنفاذ عهدهما مِن بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصَلُ إلا بهما، وإكرام صديقهما ") (538) .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا خرج إلى مكة، كان له حمار يتروَّحُ عليه إذا ملَّ ركوب الراحلة، وعمامة يشد بها رأسه، فبينما هو يومًا على ذلك الحمار، إذ مَرَّ به أعرابي، فقال: " ألست ابنَ فلان؟! "، قال: " بلى"، فأعطاه الحمار، فقال: " اركب هذا "، والعمامةَ، وقال: " اشدُد بها رأسك"، فقال له بعض أصحابه: " غفر الله لك، أعطيتَ هذا الأعرابيَّ حمارًا كنت تَرَوحُ عليه، وعمامة كنت تَشُدُّ بها رأسك؟ ! "، فقال: (إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن من أبَر البر صلة الرجل أهلَ وُد أبيه بعد أن يُوَلّي، وإن أباه كان وُدُّا لعمر ") ] (386) .
__________
= من سلسلة الأحاديث الصحيحة" رقم (484) .
(384) أي الدعاء لهما بالرحمة، وإن لم يكن بلفظ الصلاة، فإن الله تعالى لم يجعل الدنيا عوضًا عن بر الوالدين، بل قال: (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا) أي: سل الله لهما الفوز في الآخرة.
(385) رواه أبو داود رقم (5142) في الأدب: باب بر الوالدين، وابن ماجه رقم (3664) في الأدب: باب صل من كان أبوك يصل، وابن حبان رقم (2030) ، وفي سنده على بن عبيد الساعدي، الراوي عن أبي أسيد لم يوثقه غير ابن حبان، وباقي رجال السند ثقات، والحديث ضَعفَ الألباني إسناده في " تحقيق المشكاة، رقم (4936) ، و "ضعيف ابن ماجه " ص (296) رقم (800) .
(386) رواه مسلم رقم (2552) في البر والصلة: باب فضل صلة أصدقاء الوالد، =