كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

وأما الاصطلاح :فبأن يجمع الله دواعي جمع من العقلاء للاشتغال بما هو مهمهم وحاجتهم من تعريف الأمور الغائبة التي لا يمكن الإنسان أن يصل إليها فيبتدىء واحد ويتبعه الآخر حتى يتم الاصطلاح بل العاقل الواحد ربما ينقدح له وجه الحاجة وإمكان التعريف بتأليف الحروف فيتولى الوضع ثم يعرف الآخرين بالإشارة والتكرير معها للفظ مرة بعد أخرى كما يفعل الوالدان بالولد الصغير وكما يعرف الأخرس ما في ضميره بالإشارة
وإذا أمكن كل واحد من القسمين أمكن التركيب منهما جميعا .
أما الواقع من هذه الأقسام فلا مطمع في معرفته يقينا إلا ببرهان عقلي أو بتواتر خبر أو سمع قاطع ولا مجال لبرهان العقل في هذا ولم ينقل تواتر ولا فيه سمع قاطع فلا يبقى إلا رجم الظن في أمر لا يرتبط به تعبد عملي ولا ترهق إلى اعتقاده حاجة فالخوض فيه إذا فصول لا أصل له
فإن قيل: قال الله تعالى : { وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا }[ البقرة: من الآية31] وهذا يدل على أنه كان بوحي وتوقيف فيدل على الوقوع وإن لم يدل على استحالة خلافه

الصفحة 10