كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

قلنا: وليس ذلك دليلا قاطعا على الوقوع أيضا إذ يتطرق إليه أربعة احتمالات :
أحدها :أنه ربما ألهمه الله تعالى الحاجة إلى الوضع فوضع بتدبيره وفكره ونسب ذلك إلى تعليم الله تعالى لأنه الهادي والملهم ومحرك الداعية كما تنسب جميع أفعالنا إلى الله تعالى .
الثاني :أن الأسماء ربما كانت موضوعة باصطلاح من خلق الله تعالى قبل آدم من الجن أو فريق من الملائكة فعلمه الله تعالى ما تواضع عليه غيره
الثالث :أن الأسماء صيغة عموم فلعله أراد به أسماء السماء والأرض وما في الجنة والنار دون الأسامي التي حدثت مسمياتها بعد آدم عليه السلام من الحرف والصناعات والآلات وتخصيص قوله تعالى {كُلَّهَا} كتخصيص قوله تعالى {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ }[ النمل: من الآية23] وقوله تعالى { تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ }[ الاحقاف: من الآية25] {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[ المائدة: من الآية120] إذ يخرج عنه ذاته وصفاته
الرابع: أنه ربما علمه ثم نسيه أو لم يعلم غيره ثم اصطلح بعده أولاده على هذه اللغات المعهودة الآن والغالب أن أكثرها حادثة بعده
الفصل الثاني في أن الأسماء اللغوية هل تثبت قاسا
وقد اختلفوا فيه فقال بعضهم سموا الخمر من العنب خمرا لأنها تخمر العقل فيسمى النبيذ خمرا لتحقق ذلك المعنى فيه قياسا عليه حتى يدخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "حرمت الخمر لعينها" وسمي الزاني زانيا لأنه مولج فرجه

الصفحة 11