كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

المراد منه بعد مجاوزة أقل الجمع فكذلك لفظ المشركين والمؤمنين والكلام في أنه لاستغراق الجنس أو لأقل الجمع أو لعدد بين الدرجتين وكيفما كان فلفظ الكلية لائق به
فإن قيل فإذا قال أكرم الناس أكتعين أجمعين كلهم وكافتهم ينبغي أن يدل هذا على الاستغراق ثم يكون الدال هو المؤكد دون التأكيد فإن التأكيد تابع وإنما يؤكد بالاستغراق ما يدل على استغراق الجماعة الذين أرادهم بلفظ الناس
قلنا لا يشعر بالاستغراق كما لو قال أكرم الفرقة والطائفة كلهم وكافتهم وجملتهم لم يتغير به مفهوم لفظ الفرقة ولم يتعين للأكثر بل نقول لو كان لفظ الناس يدل على الاستغراق لم يحسن أن يقول كافتهم وجملتهم فإنما تذكر هذه الزيادة لمزيد فائدة فهو مشعر بنقيض غرضهم
الدليل الرابع: أن صيغ العموم باطل أن تكون لأقل الجمع خاصة كما سيأتي وباطل أن تكون مشتركا إذ يبقى مجهولا ولا يفهم إلا بقرينة وتلك القرينة لفظ أو معنى فإن كان لفظا فالنزاع في ذلك اللفظ قائم فإن الخلاف في أنه هل وضع العرب صيغة تدل على الاستغراق أم لا وإن كان معنى فالمعنى تابع للفظ فكيف تزيد دلالته على اللفظ ؟
الاعتراض إن قصد الاستغراق يعلم بعلم ضروري يحصل عن قرائن أحوال ورموز وإشارات وحركات من المتكلم وتغيرات في وجهه وأمور معلومة من عادته ومقاصده وقرائن مختلفة لا يمكن حصرها في جنس ولا ضبطها بوصف بل هي كالقرائن التي يعلم بها خجل الخجل ووجل الوجل وجبن الجبان وكما يعلم قصد المتكلم إذا قال السلام عليكم أنه يريد التحية أو

الصفحة 115