كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

ولما نزل قوله تعالى {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ } ]الأنعام: من الآية82[قالت الصحابة: فأينا لم يظلم ؟ فبين أنه إنما أراد ظلم النفاق والكفر
واحتج عمر رضي الله عنه على أبي بكر الصديق رضي الله عنه بقوله صلى الله عليه وسلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" فدفعه أبو بكر بقوله: "إلا بحقها" ولم ينكر عليه التعلق بالعموم وهذا وأمثاله لا تنحصر حكايته .
الاعتراض من وجهين:
أحدهما : أن هذا إن صح من بعض الأمة فلا يصح من جميعهم فلا يبعد من بعض الأمة اعتقاد العموم فإنه الأسبق إلى أكثر الأفهام ولا يسلم صحة ذلك على كافة الصحابة.
الثاني : إنه لو نقل ما ذكروه عن جملة الصحابة فلم ينقل عنهم قولهم على التواتر إنا حكمنا في هذه المسائل بمجرد العموم لأجل اللفظ من غير التفات إلى قرينة فلعل بعضهم قضى باللفظ مع القرينة المسوية بين المراد باللفظ وبين بقية المسميات لعلمه بأنه لا مدخل في التأثير للفارق بين محل القطع ومحل الشك والخلاف راجع إلى أن العموم متمسك به بشرط انتفاء قرينة مخصصة أو بشرط اقتران قرينة مسوية بين المسميات ولم يصرح الصحابة بحقيقة هذه المسألة ومجرى الخلاف فيها وأنه متمسك به بشرط انتفاء المخصص لا بشرط وجود القرينة المسوية

الصفحة 118