كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

في فرج محرم فيقاس عليه اللائط في إثبات اسم الزاني حتى يدخل في عموم قوله تعالى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي}[ النور: من الآية2] وسمي السارق سارقا لأنه أخذ مال الغير في خفية وهذه العلة موجودة في النباش فيثبت له اسم السارق قياسا حتى يدخل تحت عموم قوله تعالى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ } [ المائدة: من الآية38]
وهذا غير مرضي عندنا لأن العرب إن عرفتنا بتوقيفها أنا وضعنا الاسم للمسكر المعتصر من العنب خاصة فوضعه لغيره تقول عليهم واختراع فلا يكون لغتهم بل يكون وضعا من جهتنا وإن عرفتنا أنها وضعته لكل ما يخامر العقل أو يخمره فكيفما كان قاسم الخمر ثابت للنبيذ بتوقيفهم لا بقياسنا كما أنهم عرفونا أن كل مصدر فله فاعل فإذا سمينا فاعل الضرب ضاربا كان ذلك عن توقيف لا عن قياس وإن سكتوا عن الأمرين احتمل أن يكون الخمر اسم ما يعتصر من العنب خاصة واحتمل غيره فلم نتهكم عليهم ونقول لغتهم هذا وقد رأيناهم يضعون الاسم لمعاني ويخصصونها بالمحل كما يسمون الفرس أدهم لسواده كميتا لحمرته والثوب المتلون بذلك اللون بل الآدمي المتلون بالسواد لا يسمونه بذلك الاسم لأنهم ما وضعوا الأدهم والكميت للأسود والأحمر بل لفرس أسود وأحمر وكما سموا الزجاج الذي تقر فيه المائعات قارورة أخذا من القرار ولا يسمون الكوز والحوض قارورة وإن قر الماء فيه
فإذا كل ما ليس على قياس التصريف الذي عرف منهم بالتوقيف فلا سبيل

الصفحة 12