كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

قال: من قال لكم ألف فقولوا جيم وأمثاله فيكون جميع ذلك مفهوما معمولا به وكل قرينة قدروها فنقدر نفيها ويبقى ما ذكرنا بمجرد اللفظ
وبهذا تبين أن الصحابة إنما تمسكوا بالعمومات بمجرد اللفظ وانتفاء القرائن المخصصة لا أنهم طلبوا قرينة معممة وتسوية بين أقل الجمع والزيادة
فإن قيل: إذا قال من دخل داري فأعطه فيحسن أن يقال ولو كان كافرا فاسقا؟ فربما يقول نعم وربما يقول لا فلو عم اللفظ فلم حسن الاستفهام ؟
قلنا :لا يحسن أن يقال وإن كان طويلا أو أبيض أو محترفا وما جرى مجراه وإنما حسن السؤال عن الفاسق لأنه يفهم من الإعطاء الإكرام ويعلم من عادته أنه لا يكرم الفاسق أو علم من عادة الناس ذلك فتوهم أنه يقتدي بالناس فيه فلتوهم هذه القرينة المخصصة حسن منه السؤال ولذلك لم يحسن في سائر الصفات ولذلك لو لم يراجع وأعطى الفاسق وعاتبه السيد فله أن يقول أمرتني بإعطاء كل داخل وهذا قد دخل فيقول السيد كان ينبغي أن تعرف بعقلك أن هذا إكرام والفاسق لا يكرم فيتمسك بقرينة مخصصة فربما يكون مقبولا فلو لم يقل هذا ولكن قال كان لفظي مشتركا غير مفهوم فلم أقدمت قبل السؤال لم يكن هذا العتاب متوجها قطعا
فإن قيل: فقد فرضتم الكلام في أداة الشرط وقد قال بعمومه من أنكر سائر العمومات فما الدليل في سائر الصور ؟
قلنا :هذا يجري في من و ما و متى و حيث وأي وقت وأي شخص ونظائره ويجري أيضا في النكرة في النفي كقوله ما رأيت أحدا مثل قوله تعالى {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ } ]الأنعام: من الآية91[وكذلك في قولهم كل و جميع و أجمعون بل هو أظهر وهو النوع الثالث وكذلك في النوع

الصفحة 124