القول في العموم إذا خص هل يصير مجازا في الباقي وهل يبقى حجة
وهما نظران :أما صيرورته مجازا فقد اختلفوا فيه على أربعة مذاهب
فقال قوم: يبقى حقيقة لأنه كان متناولا لما بقي حقيقة فخروج غيره عنه لا يؤثر
وقال قوم: يصير مجازا لأنه وضع للعموم فإذا أريد به غير ما وضع له بالقرينة كان مجازا وإن لم يكن هذا مجازا فلا يبقى للمجاز معنى ولا يكفي تناوله مع غيره لأنه لا خلاف أنه لورد إلى ما دون أقل الجمع صار مجازا فإذا قال لا تكلم الناس ثم قال أردت زيدا خاصة كان مجازا وإن كان هو داخلا فيه
وقال قوم :هو حقيقة في تناوله مجاز في الإقتصار عليه
وهذا ضعيف فإنه لورد إلى الواحد كان مجازا مطلقا لأنه تغير عن وضعه في الدلالة فالسارق مهما صار عبارة عن سارق النصاب خاصة فقد تغير الوضع واستعمل لا على الوجه الذي وضعته العرب
وقد اختار القاضي في التفريع على مذهب أرباب العموم أنه صار مجازا لكن قال إنما يصير مجازا إذا أخرج منه البعض بدليل منفصل من عقل أو نقل أما ما خرج بلفظ متصل كالاستثناء فلا يجعله مجازا بل يصير الكلام بسبب الزيادة المتصلة به كلاما آخر موضوعا لشيء آخر فإنا نريد الواو والنون في قولنا مسلم فنقول مسلمون فيدل على أمر زائد ولا نجعله مجازا ونزيد الألف واللام على قولنا رجل فنقول الرجل فيزيد فائدة أخرى وهي التعريف لأن هذه صارت صيغة أخرى بهذه الزيادة فجاز أن يدل على معنى آخر ولا فرق بين