كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

أن نزيد حرفا أو كلمة فإذا قال يقطع السارق إلا من سرق دون النصاب كان مجموع هذا الكلام موضوعا للدلالة على ما دل عليه فقوله تعالى {فَلَبثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً} ]العنكبوت: من الآية14[دل على تسعمائة وخمسين لا على سبيل المجاز بل الوضع كذلك وضع وكأن العرب وضعت عن تسعمائة وخمسين عبارتين إحداهما ألف سنة إلا خمسين والأخرى تسعمائة وخمسون
ويمكن أن يقال :ما صار عبارة بالوضع عن هذا القدر بل بقي الألف للألف والخمسون للخمسين وإلا للرفع بعد الإثبات ونحن بعلم الحساب عرفنا أن هذا تسعمائة وخمسون فإنا إذا وضعنا ألفا ورفعنا خمسين علمنا مقدار الباقي بعلم الحساب فلا نقول المجموع صار عبارة موضوعة عن هذا العدد وهذا أدق وأحق لا كزيادة الألف واللام والياء والنون على المسلم فإن تلك الزيادة لا معنى لها بغير اللفظ الأول
فإن قيل: لو قال الله تعالى براءة من الله ورسوله فقال الرسول متصلا به إلا زيدا فهل يكون هذا كالمتصل الذي لا يجعل لفظ المشركين مجازا في الباقي ؟
قلنا :اختلفوا فيه والظاهر أن هذا من غير المتكلم يجري مجرى الدليل المنفصل من قياس العقل والنقل ولهذا لو قال زيد وقال غيره قام لا يصير خبرا حتى يصدر من الأول قوله قام لأن نظم الكلام إنما يكون من متكلم واحد وذلك يجعله خبرا
فإن قيل: فلو أخرج بالاستثناء عن لفظ المشركين الجميع إلا زيدا فهل يصير لفظ المشركين مجازا ؟
قلنا :نعم لأنه للجمع بالاتفاق والخلاف في أنه مستغرق أو غير مستغرق فهو عند أرباب العموم عند الاستثناء لجمع غير مستغرق دون الاستثناء لجمع

الصفحة 127