كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

فإن قيل :لا خلاف في أنه لو أمر بالأكل والضرب والخروج كان ممتثلا بكل طعام وبكل آلة وكل مكان ولو علق العتق حصل بالجميع فهذا يدل على العموم
قلنا:ليس ذلك لأجل العموم ولكن لأجل أن ما علق عليه وجد والآلة والمكان والمأكول غير متعرض له أصلا حتى لو تصور هذه الأفعال دون الطعام والآلة والمكان والمأكول يحصل الامتثال وهو كالوقت والحال فإنه إن أكل وهو داخل في الدار أو خارج وراكب أو راجل حنث وكان ممتثلا لا لعموم اللفظ لكن لحصول الملفوظ في الأحوال كلها وإنما تظهر فائدة العموم في إرادة بعض هذه الأمور
وإلأظهر عندنا جواز نية البعض وأنه جار مجرى العموم ومفارق للمقتضى كما ذكرنا
مسألة العموم في الأفعال
لا يمكن دعوى العموم في الفعل لأن الفعل لا يقع إلا على وجه معين فلا يجوز أن يحمل على كل وجه يمكن أن يقع عليه لأن سائر الوجوه متساوية بالنسبة إلى محتملاته والعموم ما يتساوى بالنسبة إلى دلالة اللفظ عليه بل الفعل كاللفظ المجمل المتردد بين معان متساوية في صلاح اللفظ
ومثاله ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه صلى بعد غيبوبة الشفق" فقال قائل:الشفق شفقان الحمرة والبياض وأنا أحمله على وقوع صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدهما جميعا

الصفحة 136