كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

فهذه أنواع التشابه والوهم سابق إلى التسوية بين المتشابهات وأنواع هذا التشابه متشابهة من وجه فربما يسبق إلى بعض الأوهام أن العموم كان دليلا لتشابه نسبة اللفظ إلى المسميات والتشابه ههنا موجود فيثبت حكم العموم وهو غفلة عن تفصيل هذا التشابه وإن تشابه نسبة العموم إلى مسمياته في دلالته على الجمع بخلاف هذه الأنواع
احتج القاضي بأنه لو ذكر اللفظ مرتين وأراد في كل مرة معنى آخر جاز فأي بعد في أن يقتصر على مرة واحدة ويريد به كلا المعنيين مع صلاح اللفظ للكل بخلاف ما إذا قصد بلفظ المؤمنين الدلالة على المؤمنين والمشركين جميعا فإن لفظ المؤمنين لا يصلح للمشركين بخلاف اللفظ المشترك
فنقول:إن قصد باللفظ الدلالة على المعنيين جميعا بالمرة الواحدة فهذا ممكن لكن يكون قد خالف الوضع كما في لفظ المؤمنين فإن العرب وضعت اسم العين للذهب والعضو الباصر على سبيل البدل لا على سبيل الجمع
مسألة :هل يمكن أن يعم اللفظ حقيقته ومجازه ؟ :
فإن قيل: اللفظ الذي هو حقيقة في شيء مجاز في غيره هل يطلق لإرادة معنييه جميعا مثل النكاح للوطء والعقد واللمس للجس وللوطء حتى يحمل قوله {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ } [ النساء: من الآية22] على وطء الأب وعقده جميعا وقوله تعالى أو {لامَسْتُمُ النِّسَاءَ}[ النساء: من الآية43] على الوطء والمس جميعا ؟
قلنا هذا عندنا كاللفظ المشترك وإن كان التعميم فيه أقرب قليلا وقد نقل عن الشافعي رحمه الله أنه قال أحمل آية اللمس على المس والوطء جميعا وإنما قلنا إن هذا أقرب لأن المس مقدمة الوطء والنكاح أيضا يراد للوطء فهو مقدمته ولأجله استعير للعقد اسم النكاح الذي وضعه للوطء واستعير للوطء اسم اللمس فلتعلق أحدهما بالآخر ربما لا يبعد أن يقصدا جميعا

الصفحة 142