كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

آمَنُوا }و {يا أيها المؤمنون }و { يَا أَيُّهَا النَّاسُ } فهو خطاب مع الموجودين في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وإثباته في حق من يحدث بعده بدليل زائد دال على أن كل حكم ثبت في زمانه فهو دائم إلى يوم القيامة على كل مكلف ولولاه لم يقتض مجرد اللفظ ذلك ولما ثبت ذلك أفاد مثل هذه الألفاظ فائدة العموم لاقتران الدليل الآخر بها لا بمجرد الخطاب
فإن قيل: فإذا كان الخطاب خاصا مع شخص مشافهة أو مع جمع فهل يدل على العموم ؟ مثل قوله تعالى{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ }[ سبأ: من الآية28] وقوله عليه السلام "بعثت إلى الناس كافة " و "بعثت إلى الأحمر والأسود" وقوله "حكمي على لواحد حكمي على الجماعة " وقوله تعالى {وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} ]البقرة: من الآية197[و {يَا أُولِي الأَبْصَارِ} ]الحشر: من الآية2[ و { يَا أَيُّهَا النَّاسُ } وأمثاله
قلنا:لا، بل عرف الصحابة عموم الحكم الثابت في عصره للأعصار كلها بقرائن كثيرة وعرفنا ذلك من الصحابة ضرورة ومجرد هذه الألفاظ ليست قاطعة فإنه وإن كان مبعوثا إلى الكافة فلا يلزم تساويهم في الأحكام فهو مبعوث إلى الحر والعبد والحائض والطاهر والمريض والصحيح ليعرفهم أحكامهم المختلفة وكذلك قوله تعالى {لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } ]الأنعام: من الآية19[ أي ينذر كل قوم بل كل شخص بحكمه فيكون شرعه عاما وقوله "حكمي على الواحد حكمي على الجماعة" لا يتناول إلا عصره فإن الجماعة عبارة عن الموجودين فلا يتناول من بعده

الصفحة 146