كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

فإن قيل: فهل يدل على عموم الحكم أنه كان إذا أراد التخصيص خصص وقال "تجزىء عنك ولا تجزىء عن أحد بعدك" وحلل الحرير لعبد الرحمن بن عوف خاصة ؟
قلنا:لا لأنه ذكره حيث قدم عموما أو حيث توهم أنهم يلحقون غيره به للتعبد بالقياس وكذلك قوله تعالى {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ } ]الأحزاب: من الآية50[لا يدل على أن الخطاب معه خطاب مع الأمة لمثل ما ذكرناه
مسألة: ]التفريق بين العام والمجمل[ :
من الصيغ ما يظن عموما وهي إلى الإجمال أقرب مثل من يتمسك في إيجاب الوتر بقوله {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} ]الحج: من الآية77[مصيرا إلى أن ظاهر الأمر الوجوب والخير اسم عام وإخراج ما قام الدليل على نفي وجوبه لا يمنع التمسك به وكمن يستدل على منع قتل المسلم بالذمي بقوله تعالى {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} ]النساء:141[ قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من لمؤمنين فلله يحكم بينكم يوم لقيامة ولن يجعل لله للكافرين على لمؤمنين سبيلا النساء وأن ذلك يفيد منع السلطنة إلا ما دل عليه الدليل من الدية والضمان والشركة وطلب الثمن وغيره أو يستدل بقوله {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ } ]الحشر: من الآية20[ وأن إيجاب القصاص تسوية
وهذا كله مجمل ولفظ الخير ولفظ السبيل ولفظ الاستواء إلى الإجمال أقرب وينضم إليه أن المستثنى من هذه العمومات ليس داخلا تحت الحصر وليس مضبوطا بضابط واحد ولا بضوابط محصورة وإن لم ينحصر المستثنى كان المستثني مجهولا
وليس من هذا القبيل قوله صلى الله عليه وسلم "فيما سقت السماء العشر "

الصفحة 147