كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

ذلك الحكم في كل وقت وفي كل حال تعين تقرير لكونه نسخا إما على الجملة وإما في حقه خاصة والمستيقن حقه خاصة لكن لو كان من خاصيته لوجب على النبي عليه السلام أن يبين اختصاصه بعد أن عرف أمته أن حكمه في الواحد كحكمه في الجماعة فيدل من هذا الوجه على النسخ المطلق ولما أقر عليه السلام أصحابه على ترك زكاة الخيل مع كثرتها في أيديهم دل على سقوط زكاة الخيل إذ ترك الفرض منكر يجب إنكاره
فإن قيل فلعلهم أخرجوا ولم ينقل إلينا أو لعله لم يكن في خيلهم سائمة ؟
قلنا: العادة تحيل اندراس إخراجهم الزكاة طول أعمارهم والسوم قريب من الأمكان ويجب شرح ما يقرب وقوعه فلو وجب لذكره
فهذه سبع مخصصات : ووراءها ثلاثة تظن مخصصات وليست منها فننظمها في سلك المخصصات :
الثامن :عادة المخاطبين فإذا قال لجماعة من أمته حرمت عليكم الطعام والشراب مثلا وكانت عادتهم تناولهم جنسا من الطعام فلا يقتصر بالنهي على معتادهم بل يدخل فيه لحم السمك والطير وما لا يعتاد في أرضهم لأن الحجة في لفظه وهو عام وألفاظه غير مبنية على عادة الناس في معاملاتهم حتى يدخل فيه شرب البول وأكل التراب وابتلاع الحصاة والنواة وهذا بخلاف لفظ الدابة فإنها تحمل على ذوات الأربع خاصة لعرف أهل اللسان في تخصيص اللفظ وأكل النواة والحصاة يسمى أكلا في العادة وإن كان لا يعتاد فعله ففرق بين أن لا يعتاد الفعل وبين أن يعتاد إطلاق الاسم على الشيء
وعلى الجملة:فعادة الناس تؤثر في تعريف مرادهم من ألفاظهم حتى أن الجالس على المائدة يطلب الماء يفهم منه العذب البارد لكن لا تؤثر في تغيير خطاب الشارع إياهم
التاسع :مذهب الصحابي إذا كان بخلاف العموم فيجعل مخصصا

الصفحة 157