كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

قلنا:تحت لفظه أو تحت الارادة فإن قلتم تحت اللفظ فإن الله تعالى شيء وهو داخل تحت اللفظ من قوله تعالى {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} ]الأنعام: من الآية102[وإن قلتم لا يدخل تحت الإرادة فكذلك دليل القياس يعرفنا ذلك ولا فرق
الحجة الثالثة :أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لمعاذ بم تحكم ؟فقال بكتاب الله قال فإن لم تجد ؟قال بسنة رسول الله قال فإن لم تجد؟ قال أجتهد رأيي فجعل الاجتهاد مؤخرا فكيف يقدم على الكتاب ؟
قلنا: كونه مذكورا في الكتاب مبني على كونه مرادا بالعموم وهو مشكوك فيه فكونه في الكتاب مشكوك فيه ولذلك جاز لمعاذ ترك العموم بالخبر المتواتر وخبر الواحد ونص الكتاب لا يترك بالسنة إلا أن تكون السنة بيانا لمعنى الكتاب والكتاب يبين الكتاب والسنة تبين السنة تارة بلفظ وتارة بمعقول لفظ
ثم نقول: حكم العقل الأصلي في براءة الذمة يترك بخبر الواحد وبقياس خبر الواحد لأنه ليس يحكم به العقل مع ورود الخبر فيصير مشكوكا فيه معه فكذلك العموم
حجج القائلين بتقديم القياس اثنتان
الأولى :أن العموم يحتمل المجاز والخصوص والاستعمال في غير ما وضع له والقياس لا يحتمل شيئا من ذلك ولأنه يخصص العموم بالنص الخاص مع إمكان كونه مجازا ومؤولا فالقياس أولى.
الاعتراض :أن احتمال الغلط في القياس ليس بأقل من احتمال ما ذكر في العموم من احتمال الخصوص والمجاز بل ذلك موجود في أصل القياس وزيادة ضعف ما يختص به من احتمال الخصوص والمجاز إذ القياس ربما يكون منتزعا من خبر

الصفحة 164