كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

واحد فيتطرق الاحتمال إلى أصله وربما استنبطه من ليس أهلا للاجتهاد فظن أنه من أهله ولا حكم لاجتهاد غير الأهل والعموم لا يستند إلى اجتهاد وربما يستدل على إثبات العلة بما يظنه دليلا وليس بدليل وربما لا يستوفي جميع أوصاف الأصل فيشذ عنه وصف داخل في الاعتبار وربما يغلط في إلحاق الفرع به لفرق دقيق بينهما لم يتنبه له
فمظنة الاحتمال والغلط في القياس أكثر
الحجة الثانية :قولهم تخصيص العموم بالقياس جمع بين القياس وبين الكتاب فهو أولى من تعطيل أحدهما أو تعطيلهما.
وهذا فاسد لأن القدر الذي وقع فيه التقابل ليس فيه جمع بل هو رفع للعموم وتجريد للعمل بالقياس
حجة الواقفية :
قالوا إذا بطل كلام المرجحين كما سبق وكل واحد من القياس والعموم دليل لو انفرد وقد تقابلا ولا ترجيح فهل يبقى إلا التوقف لأن الترجيح إما أن يدرك بعقل أو نقل والعقل إما نظري أو ضروري والنقل إما تواتر أو آحاد ولم يتحقق شيء من ذلك فيجب طلب دليل آخر
فإن قيل:هذا يخالف الإجماع لأن الأمة مجمعة على تقديم أحدهما وإن اختلفوا في التعيين ولم يذهب أحد قبل القاضي إلى التوقف
أجاب القاضي: بأنهم لم يصرحوا ببطلان التوقف قطعا ولم يجمعوا عليه لكن كل واحد رأى ترجيحا والإجماع لا يثبت بمثل ذلك كيف ومن لا يقطع ببطلان مذهب مخالفه في ترجيح القياس كيف يقطع بخطئه إن توقف؟!
حجة من فرق بين جلى القياس وخفيه:
وهي أن جلي القياس قوي وهو أقوى من العموم والخفي ضعيف
ثم حكي عنهم أنهم فسروا الجلي بقياس العلة والخفي بقياس الشبه وعن
بعضهم أن الجلي مثل قوله عليه السلام "لا يقض القاضي وهو غضبان"

الصفحة 165