كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

وإن تعادلا فيجب التوقف كما قاله القاضي إذ ليس كون هذا عموما أو كون ذلك قياسا مما يوجب ترجيحا لعينهما بل لقوة دلالتهما فمذهب القاضي صحيح بهذا الشرط
تخصيص عموم الكتاب بقياس مستنبط من حديث نبوي :
فإن قيل:فهذا الخلاف الذي في تخصيص بقياس مستنبط من الكتاب إذا خصص به عموم الكتاب فهل يجري في قياس مستنبط من الأخبار؟
قلنا:نسبة قياس الكتاب إلى عموم الكتاب كنسبة قياس الخبر المتواتر إلى عموم الخبر المتواتر وكنسبة قياس خبر الواحد إلى عموم خبر الواحد والخلاف جار في الكل وكذا قياس الخبر المتواتر بالنسبة إلى عموم الكتاب وقياس نص الكتاب بالإضافة إلى عموم الخبر المتواتر
أما قياس خبر الواحد إذا عارض عموم القرآن فلا يخفي ترجيح الكتاب عند من لا يقدم خبر الواحد على عموم القرآن أما من يقدم الخبر فيجوز أن يتوقف في قياس الخبر فإنه ازداد ضعفا وبعدا وما في معنى الأصل والمعلوم بالنظر الجلي قريب من الأصل فلا يبعد أن يكون أقوى في النفس في بعض الأحوال من ظن العموم فالنظر فيه إلى المجتهد
فإن قيل:الخلاف في هذه المسألة من جنس الخلاف في القطعيات أو في المجتهدات قلنا يدل سياق كلام القاضي على أن القول في تقديم خبر الواحد على عموم الكتاب وفي تقديم القياس على العموم مما يجب القطع بخطأ المخالف فيه لأنه من مسائل الأصول
وعندي أن إلحاق هذا بالمجتهدات أولى فإن الأدلة من سائر الجوانب فيه متقاربة غير بالغة مبلغ القطع

الصفحة 167