كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

في تعارض العمومين ووقت جواز الحكم بالعموم
...
الباب الرابع في تعارض العمومين ووقت جواز الحكم بالعموم
وفيه فصول:
الفصل الأول في التعارض :
اعلم أن المهم الأول معرفة محل التعارض
فنقول: كل ما دل العقل فيه على أحد الجانبين فليس للتعارض فيه مجال إذ الأدلة العقلية يستحيل نسخها وتكاذبها فإن ورد دليل سمي على خلاف العقل فأما لا يكون متواترا فيعلم أنه غير صحيح وإما أن يكون متواترا فيكون مؤولا ولا يكون متعارضا وأما نص متواتر لا يحتمل الخطأ والتأويل وهو على خلاف دليل العقل فذلك محال لأن دليل العقل لا يقبل النسخ والبطلان
مثال ذلك المؤول في العقليات قوله تعالى {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} ]الأنعام: من الآية102[إذ خرج بدليل العقل ذات القديم وصفاته وقوله {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ]البقرة: من الآية29[ دل العقل على عمومه ولا يعارضه قوله تعالى { قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ } ]يونس: من الآية18[إذ معناه ما لا يعلم له أصلا أي يعلم أنه لا أصل له ولا يعارضه قوله تعالى {حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} ]محمد: من الآية31[إذا معناه أنه يعلم المجاهدة كائنة وحاصلة وفي الأزل لا يوصف علمه بتعلقه بحصول المجاهدة قبل حصولها وكذلك قوله تعالى {وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً}

الصفحة 168