قوله "لا صدقة فيما دون خمسة أوسق" فقد ذكرنا من مذهب القاضي أن التعارض واقع لإمكان كون أحدهما نسخا بتقدير إرادة العموم بالعام
والمختار أن يجعل بيانا ولا يقدر النسخ إلا لضرورة فإن فيه تقدير دخول ما دون النصاب تحت وجوب العشر ثم خروجه منه وذلك لا سبيل إلى إثباته بالتوهم من غير ضرورة .
المرتبة الثانية:وهي قريبة من الأولى أن يكون اللفظ المؤول قويا في الظهور بعيدا عن التأويل لا ينقدح تأويله إلا بقرينة فكلام القاضي فيه أوجه.
ومثاله قوله عليه السلام إنما الربا في النسيئة كما رواه ابن عباس فإنه كالصريح في نفي ربا الفضل ورواية عبادة بن الصامت في قوله صلى الله عليه وسلم "الحنطة بالحنطة مثلا بمثل" صريح في إثبات ربا الفضل فيمكن أن يكون أحدهما ناسخا للآخر ويمكن أن يكون قوله إنما الربا في النسيئة أي في مختلفي الجنس ويكون قد خرج على سؤال خاص عن المختلفين أو حاجة خاصة حتى ينقدح الاحتمال والجمع بهذا التقدير ممكن
والمختار أنه وإن بعد أولى من تقدير النسخ
وللقاضي أن يقول: قطعكم بأنه أراد به الجنسين تحكم لا يدل عليه قاطع ويخالف ظاهر اللفظ المفيد للظن والتحكم بتقدير ليس يعضده دليل قطعي ولا ظني لا وجه له
قلنا:يحملنا عليه ضرورة الاحتراز عن النسخ
فيقول: فما المانع من تقدير النسخ وليس في إثباته اتركاب محال ولا مخالفة دليل قطعي ولا ظني وفيما ذكرتم مخالفة صيغة العموم ودلالة اللفظ وهو دليل