ظني فما هو الخوف والحذر من النسخ وإمكانه كإمكان البيان فليس أحدهما بأولى من الآخر ؟
فإن قلنا:البيان أغلب على عادة الرسول عليه السلام من النسخ وهو أكثر وقوعا
فله أن يقول:وما الدليل على جواز الأخذ بالاحتمال الأكثر وإذا اشتبهت رضيعة بعشر نسوة فالأكثر حلال وإذا اشتبه إناء نجس بعشر أوان طاهرة فلا ترجيح للأكثر بل لا بد من الاجتهاد والدليل ولا يجوز أن يأخذوا واحدا ويقدر حله أو طهارته لأن جنسه أكثر
لكنا نقول: الظن عبارة عن أغلب الاحتمالين ولكن لا يجوز إتباعه إلا بدليل فخبر الواحد لا يورث إلا غلبة الظن من حيث إن صدق العدل أكثر وأغلب من كذبه وصيغة العموم تتبع لأن إرادة ما يدل عليه الظاهر أغلب وأكثر من وقوع غيره والفرق بين الفرع والأصل ممكن غير مقطوع ببطلائه في الأقيسة الظنية لكن الجمع أغلب على الظن واتباع الظن في هذه الأصول لا لكونه ظنا لكن لعمل الصحابة به واتفاقاتهم عليه
فكذا نعلم من سيرة الصحابة إنهم ما اعتقدوا كون غير القرآن منسوخا من أوله إلى آخره ولم يبق فيه عام لم يخصص إلا قوله تعالى {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ]البقرة: من الآية29[وألفاظ نادرة بل قدروا جملة ذلك بيانا وورد العام والخاص في الأخبار ولا يتطرق النسخ إلى الخبر كقوله تعالى {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ} ]القلم:30 [ القلم وتخصيصا لقوله تعالى هذا يوم لا ينطقون المرسلات وتخصيص قوله تعالى {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} ]النمل: من الآية23[و {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} ]الاحقاف: