كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

القرآن الموهمة للتشبيه بلغت الجميع والأدلة العقلية الغامضة لم ينتبه لها الجميع ولم يرد الشرع صريحا بنفي التشبيه وقطع الوهم وذلك سبب للجهل والدليل عليه وقوع الجهل للمشبهة
فإن قيل:العقل الذي يدل على التخصيص عتيد لكل عاقل فالحوالة عليه ليس بتجهيل
قلنا:وأي شيء ينفع كونه عتيدا ولم يزل به جهل الأكثرين وكان يزول بالتصريح والنص الذي لا يوهم التشبيه أصلا ؟
احتجوا بشبهتين:
الأولى : إنه لو جاز ذلك لجاز أن يسمعهم المنسوخ دون الناسخ والمستثنى دون الاستثناء
قلنا:ذلك جائز في النسخ وعليه العمل بالمنسوخ إلى أن يبلغه الناسخ وليس عليه إلا تجويز النسخ والتصفح عن دليله فإذا لم يبلغه فلا تكليف عليه بما لم يبلغه كما إذا عجز من معرفة التخصيص بعد البحث عمل بالعموم وأما الاستثناء فيشترط إتصاله فكيف لا يبلغه؟ نعم يجوز أن يسمعه الأول فينزعج عن المكان لعارض قبل سماع الاستثناء فلا يسمعه فلا يكون مكلفا بما لم يبلغه
الشبهة الثانية : قولهم تبليغ العام دون دليل الخصوص تجهيل فإنه يعتقد العموم وهو جهل .
قلنا:جهل من جهته إن اعتقد جزما عمومه بل ينبغي أن يعتقد أن ظاهره العموم وهو محتمل للخصوص ومكلف بطلب دليل الخصوص إلى أن يبلغه أو يظهر له انتفاؤه لأنه إن اعتقد أنه عام قطعا أو خاص قطعا أو لا عام ولا خاص أو هو عام وخاص معا فكل ذلك جهل فإذا بطل الكل لم

الصفحة 175