كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

فلا يفيد حتى تقول من مضر وفي الدار وكذلك قولك ضرب قام لا يفيد إذ لم يتخلله اسم وكذلك قولك من في قد على
واعلم أن المركب من الاسم والفعل والحرف تركيبا مفيدا ينقسم إلى مستقل بالإفادة من كل وجه وإلى ما لا يستقل بالإفادة إلا بقرينة وإلى ما يستقل بالإفادة من وجه دون وجه
مثال الأول :قوله تعالى {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى } [ الاسراء: من الآية32] {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}[ النساء: من الآية29] وذلك يسمى نصا لظهوره والنص في السير هو الظهور فيه ومنه منصة العروس للكرسي الذي تظهر عليه
والنص ضربان :ضرب هو نص بلفظه ومنظومه كما ذكرناه وضرب هو نص بفحواه ومفهومه نحو قوله تعالى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} ]الاسراء: من الآية23] {وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً } [النساء: من الآية77] {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} [الزلزلة:7] {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران:75] فقد اتفق أهل اللغة على أن فهم ما فوق التأفيف من الضرب والشتم وما وراء الفتيل والذرة من المقدار الكثير أسبق إلى الفهم منه من نفس الذرة والفتيل والتأفيف ومن قال إن هذا معلوم بالقياس فإن أراد به أن المسكوت عنه عرف بالمنطوق فهو حق وإن أراد به أن يحتاج فيه إلى تأمل أو يتطرق إليه احتمال فهو غلط
وأما الذي لا يستقل إلا بقرينة فكقوله تعالى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة:237] وقوله {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ } [البقرة: من الآية228] وكل لفظ مشترك

الصفحة 20