أن الأقرب إلى اللغة وإلى المتداول بين أهل العلم ما ذكره القاضي إذ يقال لمن دل غيره على الشيء بينه له وهذا بيان منك لكنه لم يتبين وقال تعالى {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ } [آل عمران: من الآية138 ] وأراد به القرآن
وعلى هذا فبيان الشيء قد يكون بعبارات وضعت بالاصطلاح فهي بيان في حق من تقدمت معرفته بوجه المواضعة
وقد يكون بالفعل والإشارة والرمز إذا لكل دليل ومبين ولكن صار في عرف المتكلمين مخصوصا بالدلالة بالقول فيقال له بيان حسن أي كلام حسن رشيق الدلالة على المقاصد
وإعلم أنه ليس من شرط البيان أن يحصل التبيين به لكل أحد بل أن يكون بحيث إذا سمع وتؤمل وعرفت المواضعة صح أن يعلم به ويجوز أن يختلف الناس في تبين ذلك وتعرفه
وليس من شرطه أن يكون بيانا لمشكل لأن النصوص المعربة عن الأمور ابتداء بيان وإن لم يتقدم فيها إشكال وبهذا يبطل قول من حده بأنه إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي فذلك ضرب من البيان وهو بيان المجمل فقط
وإعلم أن كل مفيد من كلام الشارع وفعله وسكوته واستبشاره حيث يكون دليلا وتنبيهه بفحوى الكلام على علة الحكم كل ذلك بيان لأن جميع ذلك دليل وإن كان بعضها يفيد غلبة الظن فهو من حيث إنه يفيد العلم بوجوب العمل قطعا دليل وبيان وهو كالنص نعم كل ما لا يفيد علما ولا ظنا ظاهرا فهو مجمل وليس ببيان بل هو محتاج إلى البيان