كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

وكل ذلك يعرف بضرورة أو نظر وإذا انتفى المسلكان ثبت الجواز
وهذا دليل يستعمله القاضي في مسائل كثيرة
وفيه نظر لأنه لا يورث العلم ببطلان الإحالة ولا بثبوت الجواز إذ يمكن أن يكون وراء من ذكره وفصله دليل على الإحالة لم يخطر له فلا يمكن أن يكون دليلا لا على الإحالة ولا على الجواز فعدم العلم العلم بدليل الجواز لا يثبت الإحالة وكذلك عدم العلم بدليل الإحالة لا يثبت الجواز بل عدم العلم بدليل الإحالة لا يكون علما لعدم الإحالة فلعل عليه دليلا ولم نعرفه بل لو عرفنا انتفاء دليل الإحالة لم يثبت الجواز بل لعله محال وليس عليه دليل يعرفه آدمي فمن أين يجب أن يكون كل جائز ومحال في مقدور الآدمي معرفته ؟
الثاني :أنه إنما يحتاج إلى البيان للامتثال وإمكانه ولأجله يحتاج إلى القدرة والآلة ثم جاز تأخير القدرة وخلق الآلة فكذلك البيان
وهذا أيضا ذكره القاضي وفيه نظر لأنه إنما ينفع لو اعترف الخصم بأنه يحيله لتعذر الامتثال ولعله يحيله لما من تجهيل أو لكونه لغوا بلا فائدة أو لسبب آخر وليس في تسليمه تعليل القدرة والآلة بتأتي الامتثال ما يلزمه تعليل غير به
الثالث :الاستدلال على جوازه بوقوعه في القرآن والسنة قال الله تعالى {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة:19]وثم للتأخير وقال تعالى {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود: من الآية1] {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً }[ البقرة: من الآية67] وإنما أراد بقرة معينة ولم يفصل إلا بعد السؤال وقال تعالى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا

الصفحة 41