كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

الاستشهادات بتقدير اقتران البيان فلا يتطرق إلى الجميع
الرابع :أنه يجوز تأخير النسخ بالاتفاق بل يجب تأخيره لا سيما عند المعتزلة فإن النسخ عندهم بيان لوقت العبادة ويجوز أن يرد لفظ يدل على تكرر الأفعال على الدوام ثم ينسخ ويقطع الحكم بعد حصول الاعتقاد بلزوم الفعل على الدوام لكن بشرط أن لا يرد نسخ وهذا أيضا واقع
فهذه الأدلة واقعة دالة على جواز تأخير البيان عن كل ما يحتاج إلى البيان من عام ومجمل ومجاز وفعل متردد وشرط مطلق غير مقيد وهو أيضا دليل على من جوز في الأمر دون الوعيد وعلى من قال بعكس ذلك
وللمخالف أربع شبه:
الأولى :قالوا إن جوزتم خطاب العربي بالعجمية والفارسي بالزنجية فقد ركبتم بعيدا وتعسفتم وإن منعتم فما الفرق بينه وبين مخاطبة العربي بلفظ مجمل لا يفهم معناه ولكن يسمع لفظه ويلزم منه جواز خطابه بلغة هو واضعها وحده إلى أن يبين
والجواب من وجهين :
أحدهما وهو الأولى أنهم لم قالوا قوله {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } ]الأنعام: من الآية141[كالكلام بلغة لا تفهم مع أنه يفهم أصل الإيجاب ويعزم على أدائه وينتظر بيانه وقت الحصاد فالتسوية بينهما تعسف وظلم
الجواب الثاني : أنا نجوز للنبي عليه السلام أن يخاطب جميع أهل الأرض من الزنج والترك بالقرآن ويشعرهم أنه يشتمل على أوامر يعرفهم بها المترجم وكيف يبعد هذا ونحن نجوز كون المعدوم مأمورا على تقدير الوجود ؟فأمر العجم على تقدير البيان أقرب نعم لا يحصل ذلك خطابا بل إنما يسمى خطابا إذا فهمه المخاطب والمخاطب في مسألتنا فهم أصل الأمر بالزكاة وجهل قدر الحق الواجب عند الحصاد وكذلك قوله تعالى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} ]البقرة:237[مفهوم وتردده بين الزوج والولي معلوم والتعيين منتظر
فإن قيل: فليجز خطاب المجنون والصبي

الصفحة 43