والإرشاد والإباحة: أربعة وجوه محصلة ولا فرق بين الإرشاد والندب إلا أن الندب لثواب الآخرة والإرشاد للتنبيه على المصلحة الدنيوية فلا ينقص ثواب بترك الإشهاد في المداينات ولا يزيد بفعله.
وقال قوم: هو مشترك بين هذه الوجوه الخمسة عشر كلفظ العين والقرء .
وقال قوم: يدل على أقل الدرجات وهو الإباحة وقال قوم هو للندب ويحمل على الوجوب بزيادة قرينة
وقال قوم: هو للوجوب فلا يحمل على ما عداه إلا بقرينة
وسبيل كشف الغطاء أن نرتب النظر على مقامين الأول في بيان أن هذه الصيغة هل تدل على اقتضاء وطلب أم لا؟ والثاني: في بيان أنه إن اشتمل في اقتضاء والإقتضاء موجود في الندب والوجوب على اختيارنا في أن الندب داخل تحت الأمر فهل يتعين لأحدهما أو هو مشترك ؟
المقام الأول: في دلالته على اقتضاء الطاعة :
فنقول: قد أبعد من قال أن قوله إفعل مشترك بين الإباحة والتهديد الذي هو المنع وبين الاقتضاء فإنا ندرك التفرقة في وضع اللغات كلها بين قولهم إفعل ولا تفعل وإن شئت فافعل وإن شئت فلا تفعل حتى إذا قدرنا انتفاء القرائن كلها وقدرنا هذا منقولا على سبيل الحكاية عن ميت أو غائب لا في فعل معين من قيام وقعود وصيام وصلاة بل في الفعل مجملا سبق إلى فهمنا اختلاف معاني هذه الصيغ وعلمنا قطعا أنها ليست أسامي مترادفة على معنى واحد كما أنا ندرك التفرقة بين قولهم في الأخبار قام زيد ويقوم زيد وزيد قائم في أن الأول للماضي والثاني