للمستقبل الثالث للحال هذا هو الوضع وإن كان قد يعبر بالماضي عن المستقبل والثالث للحال هذا هو الوضع وإن كان قد يعبر بالماضي عن المستقبل وبالمستقبل عن الماضي لقرائن تدل عليه.
وكما ميزوا الماضي عن المستقبل ميزوا الأمر عن النهي وقالوا في باب الأمر إفعل وفي باب النهي لا تفعل وإنهما لا ينبئان عن معنى قوله إن شئت فافعل وإن شئت فلا تفعل فهذا أمر نعلمه بالضرورة من العربية والتركية والعجمية وسائر اللغات لا يشككنا فيه لطلاق مع قرينة التهديد ومع قرينة الإباحة في نوادر الأحوال
فإن قيل: بم تنكرون على من يحمله على الإباحة لأنها أقل الدرجات فهو مستيقن ؟
قلنا: هذا باطل من وجهين:
أحدهما :أنه محتمل للتهديد والمنع فالطريق الذي يعرف أنه لم يوضع للتهديد يعرف أنه لم يوضع للتخيير.
الثاني :أن هذا من قبيل الاستصحاب لا من قبيل البحث عن الوضع فإنا نقول هل تعلم أن مقتضى قوله إفعل للتخيير بين الفعل والترك ؟فإن قال :نعم فقد باهت واخترع وإن قال :لا فنقول فأنت شاك في معناه فيلزمك التوقف
فيحصل من هذا أن قوله إفعل يدل على ترجيح جانب الفعل على جانب الترك بأنه ينبغي أن يوجد وقوله لا تفعل يدل على ترجيح جانب الترك على جانب الفعل وأنه ينبغي أن لا يوجد وقوله أبحت لك فإن شئت فافعل وإن شئت فلا تفعل يرفع الترجيح
المقام الثاني : في ترجيح بعض ما ينبغي أن يوجد فإن الواجب والمندوب كل واحد منهما ينبغي أن يوجد ويرجح فعله على تركه وكذا ما أرشد إليه إلا أن الإرشاد يدل على أنه ينبغي أن يوجد ويرجح فعله على تركه لمصلحة العبد في الدنيا والندب لمصلحته في الآخرة والوجوب لنجاته في الآخرة هذا إذا فرض من الشارع