كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

قلنا :لسنا نقول: التوقف مذهب لكنهم أطلقوا هذه الصيغة للندب مرة وللوجوب أخرى ولم يوقفونا على أنه موضوع لأحدهما دون الثاني فسبيلنا أن لا ننسب إليهم ما لم يصرحوا به وأن نتوقف عن التقول والاختراع عليهم وهذا كقولنا بالاتفاق أنا رأيناهم يستعملون لفظ الفرقة والجماعة والنفر تارة في الثلاثة وتارة في الأربعة وتارة في الخمسة فهي لفظة مرددة ولا سبيل إلى تخصيصها بعدد على سبيل الحكم وجعلها مجازا في الباقي
السؤال الثالث :قولهم إن هذا ينقلب عليكم في قولكم إن هذه الصيغة مشتركة اشتراك لفظ الجارية بين المرأة والسفينة والقرء بين الطهر والحيض فإنه لم ينقل أنه مشترك
قلنا لسنا نقول أنه مشترك لكنا نقول نتوقف في هذه أيضا فلا ندري أنه وضع لأحدهما وتجوز به عن الآخر أو وضع لهما معا ويحتمل أن نقول أنه مشترك بمعنى أنا إذا رأيناهم أطلقوا اللفظ لمعنيين ولم يوقفونا على أنهم وضعوه لأحدهما وتجوزوا به في الآخر فنحمل إطلاقهم فيهما على لفظ الوضع لهما وكيفما قلنا فالأمر فيه قريب
شبه المخالفين الصائرين إلى أنه للندب :
وقد ذهب إليه كثير من المتكلمين وهم المعتزلة وجماعة من الفقهاء ومنهم من نقله عن الشافعي وقد صرح الشافعي في كتاب أحكام القرآن بتردد الأمر بين الندب والوجوب وقال النهي على التحريم فقال إنما أوجبنا تزويج الأيم لقوله تعالى {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} [ البقرة: من الآية232]وقال :لم يتبين لي وجوب إنكاح العبد لأنه لم يرد فيه النهي عن العضل بل لم يرد إلا قوله تعالى {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى } [النور: من الآية32]الآية فهذا أمر وهو محتمل للوجوب والندب
الشبهة الأولى :لمن ذهب إلى أنه للندب: أنه لا بد من تنزيل قوله إفعل

الصفحة 72